موقع اخباري شامل صادر عن مؤسسة تحيا مصر

آراء الفقهاء… الي أين!

 

بقلم: محمد عبدالله خليل

طالعتنا الصحف ووسائل الاعلام بمافيها مواقع التواصل الاجتماعي بقضية آثارت جدلاً واسعاً للمجتمع المصري، وهي قضية اكتشاف زوج لخيانة زوجته لمدة 11 عاماً قضي بعضها خارج البلاد، وأستطاع الزوج المكلوم ان يستصدر حكماً بالزنا وتم اصدار الحكم بالسجن ثلاثة سنوات (وهربت الزوجة مع اطفالها)، وخلال اجراءات التقاضي تم عمل تحليل البصمة الوراثية DNA وأستطاع الاب ان يثبت ان الابناء ليسوا من صلبة وقام برفع دعوي انكار نسب الا ان المحكمة رفضت دعوي انكار النسب استناداً الي حديث نسب للصحيحان “الولد للفراش وللعاهر الحجر” أي ان مضمون الحديث يدل علي انه طالما وجدت علاقة زوجية فان الابناء ينسبون للابوين.

لنراجع كافة خطب واحاديث رئيس الدولة علي مدار الاعوام السابقة وفي كافة المناسبات وآخرها الخطاب الذي القاه عن طريق الكونفرانس كول امام الدورة ال 75 للجمعية العامة للامم المتحدة وذلك في 22 من سبتمبر 2020 حيث قال في جزء من كلمته “كما تعددت أوجه العمل على تعزيز المواطنة وتحقيق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص دون تمييز لأى سبب إلى جانب جهود تمكين المرأة المصرية ومكافحة مظاهر العنف ضدها بكافة أشكاله والدعوة لتجديد الخطاب الدينى وتأكيد حرية العقيدة واضطلاع الدولة ببناء دور العبادة دون تفرقة فضلا عن تمكين ذوى الاحتياجات الخاصة والاستثمار فى الشباب لاسيما من خلال إدماجهم فى عملية صنع القرار وإقامة حوارات مباشرة معهم من خلال منتديات الشباب الدورية وتنفيذ مبادرات تدريب وتأهيل الشباب.. للمشاركة الفعالة فى العمل العام”.

ان عبارة الدعوة لتجديد الخطاب الديني لاتلقي اي صدي لدي علماء المسلمين وخاصة في مصر ربما لانها تعطي تصوراً خاطئاً لديهم بانها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالدين الاسلامي الحنيف، والذي هو دين منزه عن النقصان ولاتشوبه اي شائبة، ولكن لنستخدم عبارة اخري ولتكن تحديث الآراء الفقهية والتفسير لتواكب العلوم الحديثة بما يعود بالنفع علي الانسان والمجتمع.

ان الاراء الفقهية وتفسيرات أئمة المسلمين قامت بتفسير آيات القرآن الكريم واحاديث الرسول علية أفضل الصلاة واتم التسليم وذلك خلال فترة زمنية ارتبطت بعلوم هذة الازمان ووفقاً للعادات والتقاليد والاعراف السائدة آنذاك لغرض حماية وخدمة وتوعية الانسان والارتقاء بالمجتمع، وقد كانت تلك الآراء الفقهية مدخلات لمواد ادرجت للدراسة في كافة الصفوف التعليمية بما فيها الجامعات، وأصبحت مراجع اعدت بها رسائل ماجستير ودكتوراه وادرجت بالقوانين التشريعية المختلفة وأصبحت أساساً ومصدراً يستند الية في الدفوع او الاحكام القضائية في المحاكم المختلفة، وأيضاً اصبحت تلك الاراء الفقهية والتفاسير أساساً للاحكام في المجالس العرفية والمناطق القبلية والبدو.

الا انه مع تعاقب الحقب الزمنية وتطور العلوم في شتي المجالات اصبح بعض من تلك التفسيرات والاراء مضاداً لرأي العلم نتيجة لتباين الازمنة وتطور العلوم واكتشاف حقائق لم تكن معلومة لدي من سبقونا وبالتالي فقد اصبح غض البصر عن تغيير تلك الاراء الفقهية والتفسيرات سيكون أمر وبال وشقاء علي الانسان والمجتمع ويتعارض مع العقل والمنطق، وسيظهر مجتمعنا العربي عامة والاسلامي خاصة بنظرة المجتمع الذي لايعترف بتطور العلم وان اعترف به كمواد تدرس الا انه لايريد الاعتراف بتأثير تلك العلوم علي نواحي الحياة ويقوم بتغيير تلك التفسيرات والأراء الفقهية لتطبيقها علي القوانين والاعراف بما يحقق الهدف من الدين وهو الحفاظ علي الانسان والمجتمع وارشادة الي الخير والصلاح وابعاده عن الشر والموبقات.

في القضية الشهيرة “ريا وسكينة” ، فور انتهاء ممثل النيابة العامة من مرافعته أمام المحكمة، قدم ملاحظة توضيحية حول القول بأن القضاء المصرى استقر على عدم الحكم بإعدام النساء، حيث قال إن قانون العقوبات لا يفرق بين المرأة والرجل، واستدل على ذلك بالنص على تأجيل تنفيذ الحكم بالإعدام على المرأة الحامل، إلى أن تضع حملها، وأن عدم صدور أحكام بالإعدام ضد النساء. الا ان القاضي ونظراً لفداحة الجرم الذي وقع فقد قرر ان يصدر حكمة بالاعدام علي ريا وسكينه وبالتالي فقد خالف القاضي العرف السائد لانه علي منصة القضاء وتوجب علية ان يحكم بالعدل ويحقق مافية صالح المجتمع.

قام الدكتور سعد الدين الهلالي أستاذ الفقه المقارن بجامعة الازهر بالافادة بان رأي الشرع في مسألة النسب وتحليل ال DNA حيث قال ان القضية بحاجة الي وعي وثورة فقهية، مشيراً الي ان تحليل ال DNA ظهر لاول مرة في البشرية عام 1985 واستخدم في اوروبا تجارياً لاول مرة عام 1987، وكانت الكويت هي أولي الدول العربية التي اعتمدت عليه لمعرفة هوية الضحايا بعد أن بعث لها صدام حسين رفات الأسري، ولفت الهلالي الي ان الدول العربية شهدت العديد من الاجتماعات الفقهية التي تناولت ال DNA الا ان الفقهاء المعاصرين توقفوا عند العلم بالبصمة الوراثية لانها ستكشف حقائق كثيرة قد تهدد نسيج الاسر.

وحول حقيقة أخذ القضاء المصري بالبصمة الوراثية، أوضح الهلالي أن القضاء يأخذ البصمة الوراثية في نزاعات النسب، ولم يأخذ بها في دعوي تصحيح النسب وهذا هو القانون المتبع، مشيراً الي ان القاضي ينفذ ماهو مكتوب وموضح بالقانون، لذا فان الامر بحاجة الي ثورة فقهية ولابد منها لتحقيق صالح المجتمع والحفاظ علي الانساب وهو الهدف الاساسي من تحليل الزواج وتحريم الزنا، فهل آن الاوان لتغيير آراء الفقهاء والتفسيرات وكل ما ارتبط بها من علوم يتم تدريسها وقوانين يتم التشريع بها لما يحقق صالح الانسان والمجتمع ام سنظل علي مانحن علية من السكوت عن الحق والاستمرار علي مناهج تخالف العلم الحديث والعقل والمنطق.

التعليقات مغلقة.