موقع اخباري شامل صادر عن مؤسسة تحيا مصر

معلومة اقتصادية في كبسولة

معلومة اقتصادية في كبسولة
يقدمها دكتور محمد سيد أبو نار
الخبير الإقتصادي والمصرفي
“الإمبريالية الأمريكية والبرجماتية الروسية والطموح الصيني والخوف الصيني”
منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وتوقيع اتفاقية بريتون وودز عام ١٩٤٤ لتشكيل النظام العالمي الجديد مع إطلاق خطة مارشال لإعادة إعمار اوربا بعد الحرب، مع توقيع إتفاقية الجات لتحرير التجارة العالمية عام ١٩٤٨ وتحولها بعد ذلك لمنظمة التجارة العالمية عام ١٩٩٥؛ كل هذا كانت أدوات الولايات المتحدة الامريكية لتعزيز هيمنتها علي الاقتصاد العالمي من خلال نظام اقتصادي أحادي القطبية سياسيا واقتصاديا وعسكريا تعزز بقوة بعد انتهاء الاتحاد السوفيتي عام ١٩٨٩ وتفككه عام ١٩٩١.
بدأ العالم يتغير رويدا رويدا وشعرت الدول الكبري انها وحدها لن تكون قادرة علي منافسة أمريكا وإعادة تشكيل نظام متعدد الأقطاب.
فسعت الدول الأوربية إلي تكامل اقتصادي من ستة دول يتوسع يوما بعد يوم منذ اتفاقية الفحم والصلب الأوربية عام ١٩٥٢ إلي ٢٧ دولة حاليا (كانت قد وصل عدد دول الاتحاد إلي ٢٨ دولة قبل تخارج انجلترا من الاتحاد بعد استفتاء شعبي عام ٢٠١٦)؛ كما اغلقت الصين علي نفسها لفترة طويلة حتي تتمكن من تحقيق نهضة اقتصادية عسكرية.
ولكن في عام ٢٠٠٩ انضمت خمسة دول صناعية كبري في تجمع اقتصادي جديد يضم دولتين صناعيتين وهما الصين والهند مع روسيا والبرازيل وجنوب أفريقيا باعتبارهم الموردين الأساسيين للمواد الخام في العالم تحت مسمي BRICS؛ وتمثل دول بريكس مجتمعة ٢٣% من حجم الاقتصاد العالمي و١٨% من تجارة السلع؛ و٢٥% من الاستثمار الاجنبي في العالم، لتعد قوة اقتصادية مهمة لا يمكن تجاهلها في العالم.
وبعد الحرب الروسية الأوكرانية وتزايد الصراع بين روسيا من ناحية والغرب من ناحية اخري؛ فتسعي روسيا إلي العمل علي انشاء عملة احتياطية دولية تعتمد علي سلة من عملات دول مجموعة بريكس.
ورغم تفاوت مستوي الدخل وحجم الاقتصاد بين أعضاء دول مجموعة بريكس يؤكد الخبراء أن المجموعة قادرة علي طرح عملة احتياطية دولية تكون بديل للدولار الأمريكي.
ولكن المشكلة الأساسية تكمن في عدم رغبة بعض أعضائها ولاسيما الصين في تبني هذا القرار، فالصين تري أن لعملتها اليوان أحقية بأن تكون العملة الاحتياطية العالمية الرئيسية ووسيلة الدفع الأساسية في التسويات الدولية وأن هذا الخيار هو طريق أسرع من إنشاء عملة جديدة.
ففي عام ٢٠١٥ منح صندوق النقد الدولي اليوان الصيني وضعية العملة الاحتياطية، وأضاف العملة الصينية إلي سلته الخاصة بحقوق السحب في السنة التالية والتي تشمل الدولار الأمريكي والجنيه الاسترليني والين الياباني واليورو وان يتحول العالم من هيمنة العملة الخضراء إلي عملة التنين الأحمر، ولذلك فالصين غير مستعدة أن تضعف عملتها لمصلحة أي عملة جديدة.
وفي المقابل لا يمكن أن توافق كل دول مجموعة بريكس وعلي رأسها الهند علي ان يصبح “اليوان الصيني” عملة احتياطية دولية رئيسية، فالمجموعة الموحدة ظاهريا تنهشها الخلافات الداخلية في ظل الخوف الهندي من تعاظم نفوذ الصين، خصوصا أن الهند تسعي بشكل مطرد للعب الدور الذي تتمناه الصين لريادة الاقتصاد العالمي.
ومن الناحية التقنية لن يستغرق إنشاء مجموعة بريكس لعملتها الجديدة وقتا طويلا، إلا أن طموحات الصين لنيل عملتها لقب العملة الاحتياطية العالمية الرئيسية وبحسب مراقبين سيتحطم الحلم الروسي في مهده، كما أن تضارب المصالح الهندية- الصينية سيقلل من احتمال خسارة الدولار الأمريكي للمركز الذي تمتع به لعقود عديدة بوصفه العملة العالمية الرئيسية.

التعليقات مغلقة.