مع دقات أقدام الفلامنجو ..المسرح الأسباني يحكي أجمل روائع ﻓﺮﻳﺪﻳﺮﻳﻜﻮ ﻗﺎرﺳﻴﺎ ﻟﻮرﻛﺎ التراثيه في الدن الدولي بسلطة عمان
رسالة سلطنة عمان : جمال البدراوي
جئن كفراشات يحملن بين طيات ملابسهن سحر الفلامنجوفعندما أنطفأت الأضواء بينما تنعكس أشعة أفقية على أجزاء من خشبة مسرح الدن بسلطنة عمان لأعلان بداية مسرحية الفريق الأسباني الذي يعيش بيننا في طرقات فندق الأعاشه وهن يحلقن كالفراشات في كل مكان ولكن هنا الأمر مختلف فجائت ماريا وصديقاتها ليعلنوا حالة الأنبهار التي أخذتنا للعرض وسرعان ما تضيء المصابيح الأسبانيه بوجوهن ببطء في الوقت الذي ينتظر فيه المتفرجون بفارغ الصبر بدء العرض لنعرف ونتأكد بأنه ليست كتب التاريخ وحدها من تحفظ الماضي حتى الفنون تختزن تاريخ ومشاعر الشعوب وتعبر عنها بالرقص والموسيقى والغناء وفي عرض الفلامنكو تلك الموسيقي التي تعود جذورها إلى تاريخ مشترك بين العرب في الأندلس والإسبانيين والغجر معا يبدأ العرض بعازف الجيتار وموسيقي أيزاك فيلابيلا في عزف مجموعة من الألحان ببراعة مصحوبة الضرب على آلة الكاجون وهي آلة موسيقية تقليدية للنقر تتمايل وتخطو عليها الفراشة الرائعة نيرا لوبيز التي تدخل المسرح والمصابيح تتسابق لأبراز جمال وجهها وهنا تقتحم باقي الفراشات خشبة المسرح وبأيديهم أحبال من القماش يقومن بشده علي خصر نيرا لوبيز من الأضلع الخمسه بأيادي نويلا لوبيز وأندريا أراسيل وسونيا موريسا ومولينا ثم المديرة أنا دوليروس بنالافا وهنا تدق أجراس المسرح من جديد لتتركنا فريسة المتعه مع فن رقص الفلامنجو مرة أخري وتدخل الفراشة الرقيقة الفنانه القديرة ماريا جيسيوس أوبورتو لتقدم فقرة أستعراضية رائعة ..وعندئذ تندفع راقصة تتبختر إلى منتصف خشبة المسرح وهي ترتدي فستانا طويلا مزركشا من اللونين الأحمر والأسود مع إزار أبيض اللون بينما ينتصب ظهرها ويرتفع رأسها عاليا في شموخ لتؤدي رقصة الأسبان الشهيرة وتمد الراقصة إحدى ذراعيها فوق رأسها وتبدأ في أداء عرضها الراقص مستخدمة كعبي ونعلي حذائها المخصص للرقص في إحداث النغمات العالية المطلوبة عندما تحتك بأرضية المسرح بمهارة وحس فني بديع وسرعان ما يرصد المتفرج مشاعر الحب والإثارة المطلة من عينيها ممزوجة بالحزن والغضب والعاطفة الفياضة هكذا عشنا نحن غالبية العرب الموجودين بقاعة المسرح نتفاعل داخليا بدون معرفة كلمات النص المسرحي الذي تقدمه
فجائت مسرحية (ﻓﺮﻳﺪﻳﺮﻳﻜﻮ ﻗﺎرﺳﻴﺎ ﻟﻮرﻛﺎ ) مع ﻛﺎﺗﺐ إﺳﺒﺎﻧﻲ إﻟﺘﺰم ﺑﺎﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ اﻟﻤﻀﻄﻬﺪﻳﻦ وﻋﺒﺮ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻛﺘﺎﺑﺘﻪ ﻋﻦ أوﺟﺎع اﻟﺴﻮد واﻟﻤﺮأة واﻟﻌﻤﺎل وﺻﺮخ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﻤﺴﺎواة واﻟﻌﺪل أﻏﺘﻴﻞ وﻟﻢ ﻳﻌﺮف ﻣﻜﺎن جثته حتي الأن ﻛﻤﺎ ﺗﻨﺒﺄ ﺑﺬﻟﻚ ﻓﻲ إﺣﺪى ﻗﺼﺎﺋﺪه وﻫﻮ من ﺟﻴﻞ ﻋﺮف ﺑﺎﻧﻔﺘﺎﺣﻪ ﻋلي اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ واﻟﺨﺮوج اﻹﺑﺪاﻋﻲ ﻋﻦ اﻷﻧﻤﺎط اﻟﺴﺎﺋﺪة .. وبالبحث والتنقيب لعدة أيام وصلت ألي نص المسرحية الأسبانيه وجائت كلمات الفنانات التي تبخترن علي المسرح كالتالي :
((ﻻ أﺣﺪ ﻳﻔﻬﻢ
زﻫﺮة اﻟﻤﺎﻏﻨﻮﻟﻴﺎ اﻟﺪاﻛﻨﺔ ﻓﻲ أﺣﺸﺎﺋﻚ وﻻ أﺣﺪ ﻳﻌﺮف ﻋﻄﺮ
.ﻛﻢ ﻋﺼﻔﻮراً ﻋﺎﺷﻘﺎ ﺗُﻌﺬب ﺑﻴﻦ أﺳﻨﺎﻧﻚ
:أو ﻣﻦ ﻣﺮﺛﻴﺘﻪ اﻟﺸﻬﻴﺮة اﻟﺘﻲ رﺛﻰ ﺑﻬﺎ ﻧﻔﺴﻪ وﺗﻨﺒﺄ ﺑﻤﺎ ﺳﻴﺤﺪث ﻟﻪ وﻋﻨﻮاﻧﻬﺎ ﻋﻮﻳﻞ اﻟﻤﻮت
وﻋﺮﻓﺖ أﻧﻲ ﻗﺘﻠﺖ
وﺑﺤﺜﻮا ﻋﻦ ﺟﺜﺘﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﻫﻲ واﻟﻤﺪاﻓﻦ واﻟﻜﻨﺎﺋﺲ ﻓﺘﺤﻮا اﻟﺒﺮاﻣﻴﻞ واﻟﺨﺰاﺋﻦ
ﺛﻼث ﺟﺜﺚ وﻧﺰﻋﻮا أﺳﻨﺎﻧﻬﺎ اﻟﺬﻫﺒﻴﺔ .وﻟﻢ ﻳﺠﺪوﻧﻲ ﻗﻂ ﺳﺮﻗﻮا جثتي .))
إن ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻤﺴﺮﺣﻲ جاء من روائع ﻟﻮرﻛﺎ وأخذ الكثير ﻣﻦ ﻣﺴﺎر إﺑﺪاﻋﻪ اﻟﺜﻮري من ﻛﻞ أﻋﻤﺎﻟﻪ وﻗﺼﺎﺋﺪه الثائرة ﻟﻴﺲ ﻋلي اﻟﺴﺎﺳﺔ واﻟﺤﻜﺎم فقط ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻫﻲ ﺛﺎﺋﺮة ﻋلي اﻟﻈﻠم واﻟﻌﻴﻮن اﻟﺤﺎﺳﺪة اﻟﻤﺘﺴﻠﻄﺔ ﻋلي اﻟﻀﻤﻴﺮ اﻟمجتمعي واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﺨﺎﻧﻘﺔ ﻧﻔﺴﻪ ليظهر إبداع الكاتب في قدرته علي خلق مسار خاص لحدث واحد من أحداث متعددة وأعمال عديدة بالحركة برقصات الفالمينجو تدك برجليها الأرض أليست كلمة يارما تعني الأرض الجدب قاومتهم بالحركة برقصات الفالمينجو تدك برجليها الأرض أليست كلمة يارما تعني الأرض الجدباء لعلها تتفجر من تحت رجليها عيون الماء نبض الحياة لتنجب الولد خصبا ونماء إن الكتابة البصرية بما تحتويه من حركة ممثلين وعزف الفنانين وبث سينمائي يعمق تفهم المشاهدين ..وهنا يختبئ العشيقان فليوناردو الذي ترك زوجته وفر مع حبيبته ليلة زفافها ولا ملجأ لهما فنور القمر يفضح مكان إختبائهما ليسقطا الأول بالرصاص والمسكينة بخنجرها وبعد كل موت يخيم الحزن فينتقل بنا الكاتب ألي بيت بارناردا حيث النائحات وبارناردا الحزينة علي أب بناتها تصارع من أجل مثل كذبتها ابنتها أديال بالطفل الغير شرعي وتنتحر الفتاة التي لم تنصع للتقاليد ولكن أمها تتمسك بأنها كانت عذراء شريفة هكذا من العقم إلي الخيانة والقتل ومنها إلي النواح والحزن والتسليم بقوة العادات ويأس البطل وإن كان هروبا .. المسرح الأسباني كان ملئ بالصور التعبيرية والمليودراما والأحداث الممزوجة بالموسيقي حتي أخر أنفاس العرض ..
التعليقات مغلقة.