موقع اخباري شامل صادر عن مؤسسة تحيا مصر

ما هي غزوات الرسول

لقد خاض رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – في حياته الكثير من الغزوات، وبعث السّرايا، لمواجهة الكفّار والمشركين من أعداء دعوة الحقّ، وقد انتصر المسلمون في بعض هذه الغزوات وغلبوا في أخرى، وفي هذا المقال سنذكر ماهيّة هذه الغزوات والسّرايا التي بعثها النّبي صلّى الله عليه وسلّم.

ما هي غزوات الرسول من الثّابت في الصّحيحين أنّه قيل لزيد بن أرقم:” كم غزا النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – من غزوة؟ قال: تسع عشرة، قيل: كم غزوة أنت معه؟ قال سبع عشرة قلت، ـ القائل هو ابو اسحاق السبيعي الرّاوي عنه – فأيّهم كانت أوّل؟ قال: العسيرة أو العشيرة “، وأمّا أهل السّير فقد نقلوا أنّ غزوات النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – كانت خمس وعشرون، وقيل سبع وعشرون، وقيل تسع وعشرون. وقد ذكر الحافظ ابن حجر بعدما أورد هذه الأقوال طريقةً للجمع بينها، ومنها أنّ من أشار إلى العدد الكثير احتسب كلّ وقعة على حدى، حتى وإن كانت قريبةً مع غيرها في الزّمن، وأنّ من أشار إلى العدد القليل أو المتوسّط ربّما قام بجمع غزوتين متقاربتين زماناً، وبالتالي قام باحتسابهما كغزوة واحدة، مثل الخندق، وبني قريظة، وحُنين، والطائف. وأمّا السّرايا فقد كانت أكثر عدداً من الغزوات، وأمّا الخلاف في عدد أنّها من نحو الأربعين إلى السّبعين سريةً، وقد أشار الحافظ في الفتح في آخر كتاب المغازي:” وقرأت بخطّ مغلطاي أنّ مجموع الغزوات والسّرايا مائة “. (1) وقد ذُكر أنّ عدد مغازي الرّسول – صلّى الله عليه وسلّم – التي غزاها بنفسه هي سبع وعشرون غزوةً، وأنّ السّرايا التي بعثها كانت سبعاً وأربعين سريّةً، وقد قاتل في تسع غزوات هي: بدر، وأحد، والمريسيع، والخندق، وقريظة، وخيبر، وفتح مكّة، وحُنين، والطائف. وأمّا بعض الرّوايات فقد ذكرت أنّه قد قاتل في بني النّضير أيضاً، ولكنّ الله سبحانه وتعالى قد جعلها له نفلاً خاصّاً، وقد قاتل في غزوة وادي القرى بعد انصرافه من خيبر، وقاتل في الغابة. (2) وأمّا غزوات النبي – صلّى الله عليه وسلّم – فيمكن ذكرها على النّحو التالي: (3) غزوة ودان. غزوة بواط. غزوة العشيرة. غزوة بدر الكبرى. غزوة بني سليم. غزوة بني قنيقاع. غزوة السّويق. غزوة ذي قرقرة. غزوة ذي أمر وغطفان. غزوة بحران. غزوة حمراء الأسد. غزوة بني النّضير. غزوة ذات الرّقاع. غزوة بدر الأخيرة. غزوة دومة الجندل. غزوة الخندق. غزوة بني قريظة. غزوة بني لحيان. غزوة الغابة. غزوة بني المصطلق. غزوة الحديبية. غزوة خيبر. غزوة وادي القرى. غزوة مؤتة. غزوة الفتح الأعظم. غزوة حُنين. غزوة الطائف. غزوة تبوك. أشهر غزوات الرسول قام النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – بالعديد من الغزوات، نذكر منها على وجه التفصيل: غزوة حمراء الأسد قام الرّسول – صلّى الله عليه وسلّم – بغزوة حمراء الأسد في يوم الأحد لثمان ليالٍ مضت من شه شوّال، في سنة اثنين وثلاثين شهراً من الهجرة. وقد كانت هذه الغزوة بعد غزوة أحد، فلمّا صلّى الرّسول – صلّى الله عليه وسلّم – صلاة الصّبح أمر بلالاً أن ينادي بالنّاس:” أنّ رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – يأمركم بطلب عدوّكم، ولا يخرج معنا إلا من شهد القتال بالأمس “. وقد قال جابر بن عبد الله للنّبي صلّى الله عليه وسلّم:” إنّ أبي خلفني يوم أحد على أخوات لي؛ فلم أشهد الحرب، فأذن لي أن أسير معك “، فأذن له النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – ولم يخرج أحد لم يشهد قتال أحد سواه. وقد أعطى النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – اللواء لعلي بن أبي طالب وهو مازال معقوداً من أحد لم يُحلّ، ويقال أنّ أبا بكر الصّديق خرج وهو مجروح في وجهه، ورباعيته قد شظيت. وقد ركب النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – فرساً، وخرج النّاس معه، ثمّ أرسل ثلاثة نفر من أسلم طليعة في آثار القوم، فلحق اثنان منهم القوم وهم بحمراء الأسد، وهي منطقة تبعد عن المدينة مسافة عشرة أميال على طريق العقيق، وقد كان القوم يأتمرون بالرّجوع، وصفوان بن أمية ينهاهم عن ذلك. فلما بصروا الرّجلين الذين بعثهما النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – لحقوا بهما، ثمّ مضوا، وعسكر النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – مع أصحابه في حمراء الأسد، فقام بدفن الرّجلين في قبر واحد. وقد انتشر صوت معسكر المسلمين في كلّ مكان، وعلت نيرانهم حتّى أنّهم كانوا يوقدون في تلك الليالي خمسمائة نار تُرى من المكان البعيد، فكبت الله عدوّهم، وجعل الدّائرة النّفسية عليهم، ثمّ رجع النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – إلى المدينة، ودخلها في يوم الجمعة، وكان غيابه عنها خمس ليالٍ، وقد استخلف على المدينة في غيابه عبد الله بن أمّ مكتوم. (4) غزوة ذات الرقاع بقي النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – في المدينة بعد غزوة بني النّضير شهر ربيع الآخر، وبعضاً من جمادى الأولى، وذلك في بداية السّنة الرّابعة بعد الهجرة، ثمّ قام بغزو نجد، وهو يريد بني محارب وبني ثعلبة، وقد استعمل على المدينة أبا ذرّ الغفاري، أو عثمان بن عفّان رض الله عنهما. وقد سمّيت هذه الغزوة بذات الرّقاع لأنّ أقدام المسلمين قد نقبت، وكانوا يلفون عليها الخرق، ولذلك سمّيت بذات الرّقاع. وقد لقي النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – بنجل جماعةً من غطفان، فاتفقوا على أن لا تكون هناك حرب بينهم، وقد صلّى النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – يومها صلاة الخوف، وفي هذه الغزوة جاء رجل من بني محارب بن خصقة، واسمه غورث بن الحارث، فأخذ سيف الّنبي – صلّى الله عليه وسلم – وقام بهزّه، فقال:” يا محمّد من يمنعك مني؟ قال: الله، فردّ غورث السّيف مكانه، فنزل في ذلك:” يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ ” “. وفي هذه الغزوة أيضاً رمى رجل من المشركين رجلاً من الأنصار كان ربيئةً لرسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – فجُرح وهو يقرأ سورةً من القرآن، فتمادى في القراءة، ولم يقطعها مع ما أصابه، وفي هذه الغزوة قُصرت الصّلاة. (4) غزوة دومة الجندل لقد خرج النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – في شهر ربيع الأول في سنة خمس للهجرة لغزوة دومة الجندل، لأنّه وصله أنّ بها جمعاً يريدون الاقتراب من المدينة، وقد كان بينها وبين المدينة خمس عشرة ليلة، وقد استعمل النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – على المدينة سباعة بن عرفطة الغفاري، وقد خرج في ألف من المسلمين، وقد كان معه دليل من بني عذرة يقال له مذكور، فلمّا اقترب منهم، فإذا هم مغربون، فهجم على الماشية والرّعاة فأصاب من أصاب منهم، وهرب بعضهم، ولمّا وصل الخبر إلى أهل دومة الجندل تفرّقوا، ونزل رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – بهم، ولم يجد فيها أحداً، وجلس فيها أيّاماً، فلم يُصب منهم أحداً، ورجع النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – بعدها إلى المدينة المنوّرة، ووادع في تلك الغزوة عينية بن حصن. (4) غزوة الغابة عندما أغار عيينة بن حصين الفزّاري في بني عبد الله بن غطفان على لقاح النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – والتي كانت في الغابة، قام باستياقها، ثمّ قتل راعيها، وكان رجلاً من عسفان، واحتملوا امرأته. قال عبد المؤمن بن خلف:” وهو غريب جدّاً، فجاء الصّريخ، ونودي: يا خيل الله اركبي “. ثمّ ركب النّبي – صلّى الله عليه وسلّم مقنعاً من الحديد، وكان أوّل من أتى إليه هو المقداد بن عمرو في الدّرع والمغفر، فقام النّبي -صلّى الله عليه وسلّم – بعقد اللواء له في رمحه، وقال له:” امض حتى تلحقك الخيول، إنّا على أثرك “، وقد استخلف النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – ابن أمّ مكتوم على المدينة. وقد أدرك سلمة بن الأكوع القوم، وهو على رجليه، فجعل يرميهم بالنبل وهو يقول: خذها وأنا ابن الأكوع واليوم يوم الرّضع. حتى أنّه وصل إلى ذي قرد، وقد استنفذ منهم جميع اللقاح، وثلاثين بردةً، قال سلمة:” فلحقنا رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – والخيل عشاء، فقلت: يا رسول الله، إنّ القوم عطاش، فلو بعثتني في مائة رجل استنفذت ما في أيديهم من السّرح، وأخذت بأعناق القوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ملكت فأسجح. ثمّ قال: إنهم الآن ليقرون في غطفان “. ثمّ ذهب النّداء في المدينة إلى بني عمرو بن عوف، فبعثوا بالإمدادات والخيل، والرّجال يأتون على قدم وساق، يمشون أو على ظهور الإبل، حتّى وصلوا إلى النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – بذي قرد، وقد كانت غزوة الغابة بعد غزوة الحديبية. (4) أشهر سرايا الرسول بعث النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – السّرايا لعدّة أمور مختلفة، ومن أهمّ هذه السّرايا: سرية قتل كعب بن الأشرف عُرف عن كعب بن الأشرف أنّه كان شديد الأذى للنبي – صلّى الله عليه وسلّم – حيث كان يهوديّاً وأمّه من بني النّضير، وكان يذكر نساء الصّحابة في أشعاره، وفي وقت موقعة بدر ذهب إلى مكّة، وكان يؤلّب الكفّار على النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – وعلى المؤمنين، ثمّ عاد إلى المدينة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:” من لكعب بن الأشرف، فإنّه قد آذى الله ورسوله “، فانتدب له محمد بن مسلمة، وعبّاد بن بشر، وأبو نائلة، واسمه سلكان بن سلامة، وهو أخو كعب من الرّضاع، والحارث بن أوس، وأبو عيسى بن جبر. فذهبوا إليه وكانت ليلةً مقمرةً، وقد شيّعهم رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – إلى بقيع الفرقد، فلما انتهوا إليه، قدّموا سلكان بن سلامة إليه؛ وأخبرهم بموافقته على الإنحراف عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وشكا إليه ضيق الحال، ثمّ أراد أن يبيعه وأصحابه طعاماً، ويعطوه سلاحهم رهناً مقابل ذلك، فوافقهم إلى ذلك. ثمّ رجع سلكان إلى أصحابه، فأخبرهم بما حصل معه، فأتوه، ثمّ خرج إليهم من حصنه، وتمشّوا، ثمّ وضعوا سيوفهم عليه، ووضع محمد بن مسلمة مغولاً كان معه في ثنّته فقتله، وصاح كعب بن الأشرف صيحةً شديدةً، قامت بإفزاع من حوله، ثمّ أوقدوا النّيران. (4) سرية أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي بعث النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – سريّة أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي إلى قطن، وهذا جبل يقع بناحية فايد، وفيه مياه لبني أسد بن خزيمة، وكان ذلك في سنة خمسة وثلاثين شهراً من الهجرة. وكان سبب هذه السّرية أنّ النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – بلغه أنّ طليحة وسلمة ابني خويلد قد صارا في قومهما، وأنّ من أطاعهما فإنّهما يدعوانه إلى حرب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقام رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – بدعوة أبي سلمة، ثمّ عقد له لواءً، وأرسل معه مائةً وخمسين رجلاً من المهاجرين والأنصار، فخرج أبو سلمة وأسرع، وسبق الأخبار، ثمّ وصل إلى أدنى قطن، فأغار على صرح لهم فضمّوه، وأخذوا ثلاثة رعاء لهم مماليك، ثمّ أفلت سائرهم، فرجعوا إلى قومهم ليحذّروهم، فتفرّقوا في كلّ جهة، وفرّق أبو سلمة أصحابه في ثلاث فرق، يطلبون النّعم والشّياه، فرجعوا سالمين، وقد أصابوا إبلاً وشياهً، ولم يلقوا أحداً في طريقهم، فرجع أبو سلمة بكلّ ذلك إلى المدينة. (4) سرية عبد الله بن أنيس بعث النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – سرية عبد الله بن أنيس إلى سفيان بن خالد بن نبيح الهزلي بعرنة، وقد خرجت هذه السّرية من المدينة في يوم الإثنين، الموافق لخمس ليال مضت من شهر المحرّم، في بداية سنة خمسة وثلاثين شهراً من الهجرة. وقد كان سبب هذا السّرية أنّه قد بلغ رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – أنّ سفيان بن خالد الهزلي قد جمع النّأس لقتال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأرسل إليه النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – عبد الله بن أنيس ليقتله، فقال عبد الله للنبي صلّى الله عليه وسلّم:” صفه لي يا رسول الله، قال: إذا رأيته هبته، وفرقت منه وذكرت الشّيطان. قال: وكنت لا أهاب الرّجال، واستأذنت رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – أن أقول، فأذن لي، فأخذت سيفي وخرجت أعتزي لخزاعة، حتّى إذا كنت ببطن عرنة لقيته يمشي ووراءه الأحابيش، ومن انضوى إليه، فعرفته بنعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهبته، فرأيتني أقطر، فقلت صدق الله ورسوله، فقال: من الرّجل؟ فقلت: رجل من خزاعة، سمعت بجمعك لمحمّد فجئت لأكون معك قال: أجل إنّي لأجمع له، فمشيت معه، وحدّثته، واستحلى حديثي، حتّى انتهى إلى خبائه وتفرّق عنه أصحابه، حتّى إذا هدأ النّاس وناموا، اغتررته فقتلته، وأخذت رأسه، ثمّ دخلت غاراً في الجبل، وضربت العنكبوت عليّ، وجاء الطلب فلم يجدوا شيئاً، فانصرفوا راجعين. ثمّ خرجت فكنت أسير الليل، وأتوارى بالنّهار حتى قدمت المدينة، فوجدت رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – في المسجد، فلمّا رآني قال: أفلح الوجه، قلت: أفلح وجهك يا رسول الله، فوضعت رأسه بين يديه، وأخبرته خبري، فدفع إليّ عصا، وقال: تحضر بهذه في الجنّة، فكانت عنده، فلما حضرته الوفاة أوصى أهله أن يدرجوها في كفنه ففعلوا “، وقد غاب عبد الله ثماني عشرة ليلةً. (4) المراجع (1) بتصرّف عن فتوى رقم 4463/ عدد غزوات النبي صلى الله عليه وسلم وسراياه/ 7-7-2000/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net (2) بتصرّف عن كتاب عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير/ محمد بن محمد بن سيد الناس أبو الفتح فتح الدين/ دار القلم بيروت/ الطبعة الأولى (3) بتصرّف عن كتاب إنارة الدجى في مغازي خير الورى صلى الله عليه وآله وسلم/ حسن بن محمد المشاط المالكي/ دار المنهاج- جدة/ الطبعة الثانية. (4) بتصرّف عن كتاب غزوات النبي صلى الله عليه وآله وسلم/ السيد الجميلي/ دار ومكتبة الهلال- بيروت/ الجزء الأول.

التعليقات مغلقة.