موقع اخباري شامل صادر عن مؤسسة تحيا مصر

لواء أح د/ أيمن جبريل يكتب إستراتيجية البناء بين مطرقة الإدارة والإرادة وسندان سهام مقاومة التغيير

     

  بسم الله الرحمن الرحيم

{فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ}

                                               صدق الله العظيم [الرعد: 17]

إستراتيجية البناء

بين مطرقة الإدارة والإرادة وسندان سهام مقاومة التغيير

    بقلم لواء أح د/ أيمن جبريل

  زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا – رئيس حى المعصرة

……………………………

    تتعاقب الأجيال ..

            وتختلف الرؤي ..

                      ويبقى الوطن ..

من منطلق القاعدة العلمية التى تستند على أن :

   من يقرأ تاريخه جيدا”..

                  يصنع مستقبله ..

ومن يعلم تحديات وطنه ..

                يقدر على بناؤه ..

ومن خلال هذا المنظور وعلى ضوء إرهاصات الموقف الراهن للتحديات المحلية والإقليمية والدولية ومعطيات الموقف الحالى ،  فقد بات حتما ضرورة إستمرار عجلة التنمية قدما ومواكبة إستراتيجية البناء لمعطيات المتغيرات الدائرة داخليا وخارجيا وبما يؤكد لمتخذ القرار فى المستويات التخطيطية العليا أهمية التحول نحو الإدارة الإستراتيجية برؤية علمية عملية تتواكب ومعايير التنمية الشاملة لرؤية مصر 2030 …

تلك التنمية التى أرسي قواعدها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية إبان ثورة 30 يونيه المجيدة ، والنابعة من إدراك سيادته العميق بأن التنمية الحقيقية جزء لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى ، وأن معركة التنمية والبناء هى التى تحقق الأمن وليس الأمن هو الذى يحقق التنمية والتركيز على العنصر البشرى الذى يمثل رأس المال الفكرى والمخزون المعرفى لدى المنظمات الحديثة كون أن المواطن اليوم أصبح يمثل عصب المخزون الإستراتيجى لعملية التنمية…

*إن إستراتيجية البناء المنشودة والنابعة من الغاية القومية للبلاد وهى أقصى ما نصبوا إليه ، قد أضحت تواجه تحديات ومعضلات تقع مابين مطرقة الإدارة والإرادة وسندان سهام مقاومة التغيير فى أروقة المنظمات الإدارية المصرية المعاصرة وتؤثر تأثيرا مباشرا على مخرجات الكيانات التشغيلية والإدارية للمنظمات بأنواعها

( عامة – خاصة ) .

* إن علم بناء وصياغة والإستراتيجيات يخضع بلا شك إلى أسس وضوابط ومعايير ذات مرجعيات إدارية تنبع من الهدف الإستراتيجى للدولة ، إضافة إلى حرفية التسويق العلمى لتلك الإستراتيجيات بالعمل بإستراتيجية إنتاج ما يمكن تسويقه وليس تسويق ما يمكن إنطلاقا من حتمية التحول من الفكر الإدارى البيروقراطى

( الإدارة الحاضر الغائب ) إلى الفكر الإدارى المعاصر( الإدارة الحاضر الفاعل )

أى الإدارة قولا وفعلا”.

ومن واقع الممارسات الإدارية والخبرات التراكمية فى المستويات التخطيطية والإدارية المختلفة بما يدور داخل أروقة الجهاز الإدارى فى المستويات المختلفة ، فقد بات جليا أن هناك الكثير من السياسات التى تم صياغتها والقرارات التى تم إتخاذها ، قد تحطمت وذهبت أدراج الرياح بسبب سوء جودة وظائف الإدارة( تخطيط . تنظيم . توجيه وتنسيق . رقابة ومتابعة ) ، إضافة إلى ضعف العزيمة والإرادة لتنفيذ تلك القرارات على أرض الواقع أو سوء مخرجات التنفيذ ، وهو ما يمكن إرجاع أسبابه إلى تأثير عناصر مقاومة التغيير فى تلك المنظمات والمتمثلة فى عناصر التنظيمات الغير رسمية وجماعات المصالح ومصادر النفوذ الغير رسمى والتى باتت تقاوم كل جديد وكل تطوير وتجديد يقوم به المدراء لكل قرار يحدث النمو والتغيير للأفضل وتحسين بيئة العمل  سواء كان ذلك داخل تلك المنظمات والأجهزة أو خارجها مستغلين فى ذلك فن إدارة عمليات التسويف والمماطلة لإعتبارات المحافظة على الجماعة والقيم الفكرية الإدارية الموروثة بمحاربة كل جديد فى ظل غياب الإدارة المنوط بها علاج الفجوة بين المعايير المرجعية والممارسات الفعلية ، وهو ما يمثل جوهر المشكلة الحقيقية للعملية الإدارية فى المنظمات المصرية والتى يمكن حصرها فى عدم إمكانية تحديد الأسباب التى أدت إلى حدوث تلك ( الفجوة / التباين / الإنحراف )

بين المستهدف ( القانون / الخطة ) وبين الفعلى ( سلوك البشر / أداء العاملين ) ،

هذا التباين والإنحراف ساعد على وجود خلل وعدم تفهم فى إستخدام علاقات الهيكل التنظيمي سواء ( علاقات تنظيمية – علاقات فنية – علاقات إستشارية ) ، الأمر الذى يستلزم معه سرعة تحقيق التصحيح الفورى لجوهر المشكلة والتحرر من المفهوم الضيق للإدارة وعملية إتخاذ القرار والمركزية والإنتقال إلى المفهوم الواسع والعمل به .

* لقد أصبح الأمر ملحا فى حتمية وضرورة تطوير الأداء الذاتى والفكرى لمدراء المنظمات الإدارية المعاصرة من خلال توفير مقومات وركائز التمكين وتفنيد الأسباب المحتملة لظاهرة مقاومة التغيير وحرفية التعامل مع سيناريوهات الآلاعيب المخططة للحيلولة دون دفع عجلة إستراتيجية البناء والتنمية ، تلك الآلاعيب التى أصبحت بمثابة فيروسات المنظومة الإدارية بمعظم المنظمات الخدمية والربحية تتفاعل ضد كل إنجاز وكل صرح تنموى يحقق التنمية المستدامة فى ظل تفاقم أزمة قادة الرأى فى المجتمع ..

إضافة إلى تسلح مدير المنظمة المعاصرة إلى أساليب جماعات مقاومة التغيير على مستوى المنظمات متمثلا في       

( السلوك التراجعى – التباطؤ فى العمل – عشوائية الأداء الإدارى – الإلتفاف واللامبالاه – ثقافة الفهلوه والفوضى – الصراع الطبقى بين الأشخاص – عدم القدرة على كبح سقف إشباع الحاجات الإنسانية ) ،

علاوة على الإلمام التام بصور مقاومة التغيير على مستوى البيئة الخارجية للمنظمات متمثلا فى ( أطماع جماعات المصالح والنفوذ المجتمعى – إعتبارات المحافظة على المكانة الإجتماعية والقبلية –   أساليب تحقيق الشهرة وتحقيق السمعة – معارضة برامج التطوير وحماية المصالح بالنفوذ – سيناريو البرنامج الخاص الذى يعمل على تخصيص ميزانيات لبرامج بدون هدف أو عائد متوقع والعمل بنظرية المال السهل من خلال المبالغة فى الإنفاق بدون عائد حقيقى ) .

* إن إستراتيجية البناء اليوم أضحت فى حاجة ماسة إلى خطوات وطنية تنفيذية لفك وإعادة الجمود الذى أدى إلى ترهل المنظمات وهياكلها التنظيمية ، وتحديد أدوار القائمين بالتغيير فى مرحلة إحداث التغيير بمهارة دقيقة من خلال إستخدام الآليات الناعمة فى مواجهة عمليات مقاومة التغيير Soft Power مع قوة الإرادة والعزيمة على إستمرار عمليات المواجهة ..

والآن .. ما هو الحل لتلك المعضلة الإدارية ؟

يتمثل الحل لتلك المعضلة الإدارية والتى تسببت فى إهدار الكثير من الوقت والجهد والمال ما لا يعد ولا يحصى بسبب الفساد الفكرى الذى أمسي ليكون أخطر على المصلحة العامة للبلاد من الفساد المالى والفساد الإدارى ، فلا مفر اليوم من إتخاذ الإجراءات التصحيحية العاجلة والمتمثلة فى الآتى :

  ١- حوكمة الدولة والحكم الرشيد للدولة وهو إمتداد لمفهوم الدولة من المنظور الإستراتيجى ، والذى يضع فى بؤرة إهتمامه أهداف التنمية الشاملة والمستدامة علاوة على غلق منابع الفساد الإدارى وضمان حياة كريمة للمواطنين .

  ٢- تنمية الثقافة الإدارية للقائمين على إدارة أجهزة الدولة ثم القائمين على إدارة مؤسسات من خلال التوجه نحو المدخل الحديث للإدارة من المنظور الإستراتيجى وهو :

   ” الإدارة الإستراتيجية وإعادة الهيكلة الإدارية للمؤسسات كمنهاج عمل لتحقيق التميز الإدارى للدولة المصرية ومؤسساتها المختلفة ” .

* إن منظومة العمل الإدارى للدولة لن تتحقق إلا بتحقيق جناحى العملية الإدارية متمثلة فى إستغلال الموارد المتاحة أفضل إستخدام ممكن ( الكفاءة  Efficiency  ) ..

ومن جهة أخرى تحقيق الرسالة والأهداف المطلوبة وتعنى تحقيق ( القيمة / المنافع ) المتوقعة لجميع العملاء ويقصد بها ( الفاعلية Effectivness )

 ( How To Do The Things Right )..

محققين بذلك الميزة التنافسية المطلوبة وأقصى معدل لإشباع للعملاء ومن ثم إحتلال مركز الريادة فى السوق .

   ومن خلال تلك الرؤية ..

   بات عاجلا” أن تولى الدولة جهودا” مكثفة لدحر ووئد بؤر الفساد الذى يعتبر بمثابة إنتهاك متعمد للضوابط الإدارية والوظيفية والمهنية والأخلاقية للعمل لتحقيق المصالح الشخصية الغير شرعية على حساب المصلحة العامة ، وعلاج الفجوة الكائنة بين المعايير المرجعية والممارسات الفعلية للسلوك الإنساني ..

  إن مصر فى هذه المرحلة الحرجة من تاريخها تنتظر من أبنائها الكثير والكثير لدفع عجلة التنمية والمشاركة فى معركة البناء بجانب البطولات الفدائية لجيش مصر العظيم الأبى ، والعمل على صناعة المستقبل المشرق الواعد والإلتفاف والتكاتف الوطنى المعهود منذ التاريخ مع قيادتنا السياسية والتنفيذية الحكيمة  ، تلك الشفرة التى فشل فيها أعداء الوطن فى الداخل والخارج من فك رموزها كونها مكون أساسي من مكونات دماء الشعب المصرى الشريف الوطنى ونشر ثقافة التغيير للأفضل والإقناع بها والتكيف مع تطبيقات تكنولوجيا المعلومات وإعلان المعايير الواضحة لإختيار مدير منظمة اليوم القادر على التعامل مع التحديات المعاصرة بالإسلوب العلمى والحنكة الآدارية المدروسة والجرأة والشجاعة على إتخاذ القرارات ومتابعة تنفيذها والمتسلح بعلم وفن الإدارة وقوة الإرادة لمجابهة سهام مقاومة التغيير ..

      حمى الله مصر …

         حمى الله رئيسها وجيشها وشرطتها وشعبها الأصيل ..

 

                                                        لواء أح د / أيمن جبريل

                                          زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا

 

 

التعليقات مغلقة.