بقلم : هناء خليفة
يأخذنا “الصمت” إلى عالم التأمل والحكمة وزيادة الثقة فى النفس ، وهو اللغة الوحيدة الذى نتعمدها ليشعر الأخرين مابداخلنا دون اللجوء للكلام ،وإيصال رسائل نعجز عن البوح بها ،نحن نحتاح فى كثير من الأحيان إلي قلوب صامتة، فى حياتنا وخصوصا من كان يحمل بداخله احساسيس مدفونة ومشاعر فياضة وعواطف مكنونة ،نعم نحتاج الصمت عندما يجعز اللسان عن البوح بالكثير من الكلام الذى يفضح مشاعرنا تجاه الأخرين، نعم نحتاجه عندما نشتاق لشخص ولكن يمنعنا حيائنا والظروف عن الكلام معه ،نعم نحتاجة حين لا يقدر أحد مشاعرنا فهنا الصمت أبلغ من الكلام، نعم نحتاجه عند رؤية من نحب فيعجز اللسان التعبير عن ما بدخلنا ،نحتاجه كى لا نخسر أعز وأغلى وأقرب الناس لينا خوفا من أن يتفوه اللسان بكلمات وقت الغضب ونندم عليها لاحقا،
الصمت يمنح الأنسان قوة نفسية كبيرة ،والتفكير مرارآ وتكرارآ قبل أتخاذ أى قرار ،ويعزز التحكم والحكمة فى أى ردة الفعل إزاء الإهانة او ما شابه ذلك ،مثل هذه الظروف تجبرنا على الصمت.
ويعتبر الصمت هو التعبير عن مايسكننا من الداخل سواء عن حالة من التأمل او احاديث معينة تشعرنا بالسعادة والرضا عن حال معين أو عتاب أو خذلان وحزن واحيانآ صراخ ، فالصمت يعبر عن الكثير والكثير من الحالات المختلفة .
الصمت أداة ذات فائدة عظيمة للإنسان، إذ تعطيه قدرة كبيرة على التناغم والانسجام والتوافق مع من حوله،وهو لغة سامية وفريدة وتعبر عن أشياء كثيرة و لا يتقنها الكثيرون لأنها غير منطوقة ،فأطلق بعض العلماء عن الصمت” لغة العظماء” والذي يصعب على الكثير فهمها، ولهذا تجعل من حولنا فى حالة من الحيرة والتفكير الدائم فى تفسيرها.
الصمت فن ذات إيقاع خاص، فعندما يعجز الإنسان عن التعبير بما يريده فهنا يلتزم الصمت إحتراما لذاته وكرامته .
ويقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم : ” من كان يؤمن بالله واليوم والأخر فليقل خيرآ أو ليصمت ”
وعن على بن ابي طالب : (الحكمة عشرة أجزاء) ، تسعة منها الصمت ، العشرة قلة الكلام.
وقال عمرو بن العاص “الكلام كالدواء إن قللت منه نفع ،وإن أكثرت منه قتل”
ومن الأقوال الأكثر شيوعآ و المعروفة بمجتمعاتنا عن حكمة الصمت مقولة ” إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب ” ، وهنا يجدر بي ان أستشهد بالمقولة الشهيرة للعالم الجليل شمس الدين التبرزى التى يقول فيها ” الصمت ايضآ له صوت ، لكنه بحاجة الى روح تفهمه ”
للصمت هيبة وقوة حقيقية فى مواجهة النفس وليس ضعف وهو لغة وحكمة وحنكة ودبلوماسية مقنعة، وكما يقال أن الاستماع نصف الجواب والصمت سيادة وذكاء، وعندما يتلفظ الذي أمامك بكلمات جارحة وغير مقبولة ! هنا يكون الصمت قوة وليس ضعف كما يفسره البعض، وأبلغ من بحر الكلام ، فالصمت أقوى أنواع الرد و الإنتقام وبطريقة راقية ومتحضرة ،ويجعل من أمامك فى حيرة من أمرك.
الصمت حضارة، وأداة ذات فائدة عظيمة جدآ للإنسان، إذ تعطيه قدرة كبيرة على التأقلم والتناغم والإنسجام والتوافق مع من حوله، ويمنح للإنسان فرصة جيدة ليدرب نفسه على الكلام الحكيم الصحيح النافع ،ويعطيه أيضا فلسفة ونجاح وفلاح ، حتى يتغلب على المضايقة و الإستفزاز من حوله..لأن كثرة الكلام يوقع الإنسان فى الخطأ ويتسبب فى خلق الكثير من الخلافات والمشاكل التى لا حصر لها ،فهناك كلام وأسئلة لا يجاب عنها إلا بالصمت .
وقيل عن الصمت ولغته ..من رأى مالا يعجبه أو سمع مالا يعجبه فليمتهن الصمت فلا داعى للرد ، فقط انظر إليهم وابتسم ، اذآ لا يستفزك أى إنسان بحديثه.
للكلام وقت وللصمت وقت ،إنما على الإنسان أن يعرف متى يصمت أو يتكلم وحكمة الصمت تعلمه متى وكيف يتكلم .
الصمت ليس ضعف أو عدم القدرة على الرد لأى أى موقف يتعرض له الإنسان،أو عدم تفسير مابداخله أبدا …فالصمت أما أن يكون تعالى عن بعض الحماقات و التفاهات التى تدور من حولك ،أو حينما لا ترى جدوى ولا فائدة من الحديث،أو فسح المجال للشخص الذى تريد ان يقرأك من نظرتك ويفسر مابداخلك حتى يسهل عليك شرحه ويخبرك بأنه أدرك تماما ماتريد إيصاله له.
إذآ من يتبع الصمت… هل يدان عليه؟
نعم …فى بعض الأحيان، ندان …
عندما نصمت ولا ندافع عن أنفسنا وعن من نحب .
عندما نصمت على شهادة الحق ونعطى مجالا واسعا لإنتشار الباطل .
عندما نصمت و نقصر فى نصيحة أو إنذار البعض فأضر نفسه أو بغيره ، وإلخ ،
هنا ندان على صمتنا ويعاقبنا ‘الله سبحانه وتعالى’ على ذلك الصمت’ لذلك يجب على كل إنسان أن يعرف جيدا التوقيت المناسب ” للصمت ” لإنه ليس شيئا سيئآ بشكل خاص ، فلا توجد حاجة للكلام بعد سماع شرح أو كلام أو موقف معين فالصمت هنا أبلغ من الكلام،أما إذا كان الأمر يتطلب التعبير أوالكلام أو النصيحة ،اذآ فيتحتم عليك أن لا تردد أبدآ.
وأختم كلامى بحكمة سيدنا ” لقمان الحكيم ” حين أوصى إبنه قائلا “إذا أفتخر الناس بحسن كلامهم ..أفتخر أنت بحسن صمتك”.
التعليقات مغلقة.