موقع اخباري شامل صادر عن مؤسسة تحيا مصر

صور .. «المراكبي» يناقش «أطر تقديم الصحافة المصرية لمفهوم الحكم الإسلامي» بـإعلام القاهرة

أحمد حمدي

حصل الباحث أمير محمد أحمد عبد السميع المراكبي، على درجة الماجستير من كلية الإعلام جامعة القاهرة، بتقدير ممتاز في رسالته بعنوان «أطر تقديم الصحافة المصرية لمفهوم الحكم الإسلامي لدى تيارات الإسلام السياسي وتأثيرها على اتجاهات الجمهور».

وتكونت لجنة المناقشة والحكم من الأستاذة الدكتورة نجوى كامل، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة رئيساً ومناقشاً، والأستاذ الدكتور شريف درويش اللبان، رئيس قسم الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، مشرفاً، والدكتور محمد يونس، الكاتب الصحفي بجريدة الأهرام والمتخصص في الشأن الديني.

وقال «المراكبي»، أثناء المناقشة العامة، إنَّ فكرة الدراسة تتبلور حول رصد وتحليل ومقارنة أطر تقديم الصحافة المصرية لمفهوم الحكم الإسلامي ودلالاتها التي سعت إلى ترسيخها وطبيعة تأثيرها على اتجاهات الجمهور نحو تيارات الإسلام السياسي، وذلك بالتطبيق على صحف (الأهرام – المصري اليوم – الحرية والعدالة – الوفد) والمقارنة بينها، لتحديد ما إذا كانت هناك فروق في طبيعة التغطية الخبرية بين صحف الدراسة ومبرراتها، وذلك خلال الفترة الممتدة من 25 يناير 2011 حتى 31 ديسمبر 2015

وأضاف «المراكبي»، أنَّ أهمية الدراسة تنبع من انعدام تواجد الدراسات التي تناولت كيفية تقديم وتأطير وسائل الإعلام والصحافة على وجه الخصوص لمفاهيم تلك التيارات للحكم الإسلامي عبر ما تقدمه من مواد إخبارية.

خلال مناقشة رسالة الباحث أمير محمد أحمد عبد السميع المراكبي
خلال مناقشة رسالة الباحث أمير محمد أحمد عبد السميع المراكبي

وأوضح أن الدراسة تعتني بتقديم تحليل تاريخي نقدي لمفهوم الحكم الإسلامي للدولة من منظور قُطبَي تلك التيارات كما قدّمته الصحافة المصرية (الإخواني والسلفي)، إلى جانب تحليل بعض المفاهيم الأخرى المتعلقة بهذا المفهوم الأم، باستخدام مدخل تحليل المفاهيم العلمية.
أضاف «المراكبي»، أن الدراسة تنتمي إلى الدراسات الوصفية التحليلية التي تهدف إلى رصد وتحليل وتفسير اتجاهات صحف الدراسة نحو الحكم الإسلامي في فكر تيارات الإسلام السياسي في مصر وذلك لجمع أكبر قدر من المعلومات، وهي دراسة ميدانية أيضا بما تحويه من رصد وتحليل لاتجاهات الجمهور تجاه بعض الأحداث نتيجة التعرض إلى الصحف عينة الدراسة
وحاولت الدراسة الإجابة عن عدة تساؤلات من أهمها «ما الأبعاد والأحداث والقضايا التي ركّزت عليها كل صحيفة في تناولها لهذا المفهوم والتي سعت من خلالها إلى التأثير على القارئ وتكوين رأيه وتشكيل وعيه بهذه القضية إيجابًا أو سلبًا؟»، وما تأثير أطر تقديم الصحافة المصرية لمفهوم الحكم الإسلامي على اتجاهات الجمهور نحو تيارات الإسلام السياسي في مصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير؟»

خلال مناقشة رسالة الباحث أمير محمد أحمد عبد السميع المراكبي
خلال مناقشة رسالة الباحث أمير محمد أحمد عبد السميع المراكبي

وتعتمد الدراسة على منهج المسح، بوصفه أنسب المناهج العلمية التي تستخدم من أجل دراسة الظواهر المختلفة من خلال جمع وتحليل ومعالجة وتنظيم البيانات عن ظاهرة محل الدراسة، والوقوف على الاتجاهات والآراء والعمليات الداخلة في هذه الظاهرة، حيث تم استخدام منهج المسح على مستوى محتوى الوسيلة لرصد وتوصيف تقديم الصحافة لمفهوم الحكم الإسلامي ومنهج المسح الاجتماعي التفسيري للاستبيان عن رأي الجمهور عن طريق استمارة الاستبيان كأداة لجمع البيانات من العينة البشرية لوصف وتفسير تأثير التعرض لصحف الدراسة على اتجاهات الجمهور نحو تيارات الإسلام السياسي.

خلال مناقشة رسالة الباحث أمير محمد أحمد عبد السميع المراكبي
خلال مناقشة رسالة الباحث أمير محمد أحمد عبد السميع المراكبي

وأسفرت الدراسة عن مجموعة من النتائج العامة، سواء على مستوى تحليل الأطر الخبرية لمفهوم الحكم الإسلامي لدى تيارات الإسلام السياسي في الصحف المصرية محل الدراسة، أو على مستوى تحليل آراء عينة الجمهور وتأثير ذلك التأطير على توجهاتهم، حيث خلصت الدراسة إلى اهتمام الصحف الأربعة بتناول مفهوم ذلك الحكم بشكل كبير، حيث أبرزت عددًا من الموضوعات الرئيسية أهمها تطبيق الشريعة الإسلامية، والديمقراطية، والمواطنة، ونظام الحكم في الإسلام، كما أبرزت عددًا من القوى الفاعلة أهمها جماعة الإخوان وقياداتها، وحزب النور وقياداته، وبعض رجال الدين، والقيادات القبطية، ونسبت إليهم مجموعة من السمات السلبية والإيجابية التي تشير إلى أن مفهوم الحكم الإسلامي في فكر تلك الجماعات قد تم تقديمه – غالباً – بشكل سلبي.

كما خلصت الدراسة إلى أن التغطية الصحفية لمفهوم الحكم الإسلامي قد وظّفت عدة أطر بارزة أهمها إطار الشيطنة، والطمأنة، والصراع، لنقل دلالات ومعانٍ محددة للجمهور والتأثير على اتجاهاته، مستخدمة في ذلك عدة تكنيكات أبرزها نبرة التغطية، ثم تقديم حلول وتوصيات، وانتقاء الأخبار والبيانات الصحفية، وقد وظّفتها كل صحيفة بما يتناسب مع أهدافها وتوجهاتها ونط ملكيتها وبما يخدم رؤيتها وسياساتها التحريرية وهو ما يتفق مع فروض نظرية الأطر الخبرية.

أما على مستوى تحليل آراء عينة الجمهور فقد أظهرت الدراسة اعتماد الغالبية الساحقة من العينة على الإنترنت والصحف الإلكترونية بالدرجة الأولى في التعرف على المفاهيم والتصورات التي تسعى تيارات الإسلام السياسي إلى تحقيقها، ثم على التليفزيون، والصحافة المطبوعة، وجاءت صحيفة المصري اليوم في صدارة الصحف التي اعتمد عليها الجمهور في استقاء تلك المفاهيم والتصورات من بين 26 صحيفة وقناة تليفزيونية وفضائية وقع اختيار الجمهور عليها.

كما أظهرت النتائج تأثر ما يزيد عن ثلاثة أرباع العينة بما تقدمه الصحافة من مفاهيم وتصورات ومساهمتها بشكل مباشر في تشكيل اتجاهاتهم نحو القضايا الهامة التي تتعلق بهوية ومستقبل وطنهم، وذلك باستخدام عدة آليات كان من أبرزها نشر أخبار عن أعمال العنف وتخريب المنشآت التي يقوم بها بعض من مناصري تيارات الإسلام السياسي، استنادًا إلى فهمهم الخاطئ لبعض النصوص الشرعية، وكذلك بإظهار تلاعب بعض مرشحي تيارات الإسلام السياسي بالفتاوى والآيات وتحويرها وتحويلها إلى خدمة مصالحهم، أو بنشر تصريحات بعض رموز تلك التيارات التي تكفر كل مختلف معهم.

كما كشفت النتائج عن حجم التشكيك الضخم وانعدام الثقة بين الجمهور وبين جموع تلك الأحزاب والجماعات من حيث جديتها في المطالبة بما يمكن اعتباره الركيزة الأساسية في دعوتهم وأهدافهم وهي مسألة تطبيق نظام حكم إسلامي في البلاد، انعكس ذلك في إجابتهم حول تطبيق تلك التيارات لبعض الإجراءات الحاكمة في إطار تصوراتهم لمفهوم الحكم الإسلامي حيث أظهرت إجابات ما يقارب 75% من حجم العينة بالغضافةإلى  أن الأحزاب الإسلامية لم تطبق الشريعة الإسلامية خلال فترة حكمهم للبلاد لا من حيث إشراك جميع فئات الشعب في رسم خارطة طريق للبلاد حتى يكون نظام الحكم فيها معبّرا عن مجموع الأمة، ولا من حيث الاهتمام بمناهج التعليم الإسلامي ونشر الثقافة الدينية بين أفراد الشعب، ولا غير ذلك من مظاهر الجدية في المطالبة بنظام حكم إسلامي، وأن الغرض الرئيسي من إصرار تيارات الإسلام السياسي في المطالبة بتحكيم الشريعة وتطبيق نظام الحكم الإسلامي لم يكن إلا رغبة في تمكين بعض الجهات الداخلية والخارجية من العبث بمقدرات الوطن في المقام الأول، ثم الحصول على مطامع خاصة ومكاسب شخصية، كما كشفَته إجابات المبحوثين.

وكان من نتائجها أيضاً بروز اهتمام جريدة المصري اليوم بتقديم المفاهيم الرئيسية في فكر تيارات الإسلام السياسي كتطبيق الشريعة الإسلامية، وممارسة الديمقراطية، وحق المواطنة، ونظام الحكم في الإسلام، بطريقة موضوعية بعيدة عن التحيز والهجوم والتحريض مقارنة بباقي صحف الدراسة، ما يجعلها تحتل المكانة الأكبر في المصداقية والممارسة المهنية، ما يؤهلها لكسب ثقة القراء والجمهور فيما تقدمه من أخبار.

كما خلُصت الدراسة إلى أن جريدة الوفد قد حافظت خلال فترة صدور جريدة الحرية والعدالة على صدارتها بين صحف الدراسة الأربعة في تقديم مفاهيم وتصورات تيارات الإسلام السياسي ورؤيته للحكم الإسلامي، الأمر الذي يعكس اهتمام الجريدة بتقديم فكر تيارات الإسلام السياسي للجمهور ومناقشته ونقده وتفنيده، وهو ما يؤكد فطنة المسؤولين في الجريدة إلى أن أي محاولة لفهم أية ممارسات سياسية تقوم بها التيارات الإسلامية أو لمعرفة طبيعة دولتها التي يسعى أصحابها إلى تنفيذه، أو استشرافٍ لمستقبل مرجعيتها، إنما تبدأ عند استقراء ما تؤمن به تلك التيارات من أفكار وما يقدمونه للـ “الشريعة” وللـ “الحكم الإسلامي” من تفسيرات.

وأكدت الدراسة، أن جريدة الحرية والعدالة قد برزت كمنصة إعلامية لعرض وجهة نظر جماعة الإخوان والدفاع عن فكرهم وأيدولوجيتهم عبر صفحاتها، والترويج لمشروعهم النهضوي، والدعاية لمرشحهم، ونشر جميع الأخبار والبيانات والوقائع مختلطة برأي كتّابها دون الاستناد إلى أدلة حقيقية، مع حضور طاغٍ لشخصية الكاتب وتوجهاته في انتقاء وعرض مادته الإخبارية، مع إغفال واستبعاد متعمّد لجميع الأخبار التي يرونها مسيئة لسمعتهم.

كما كان من أبرز نتائج الدراسة عدم اتفاق تيارات الإسلام السياسي في وضع مفهوم محدد للحكم الإسلامي الذي يتغنون به جميعًا ويجعلونه على رأس أجنداتهم وطموحاتهم وأهدافهم المستقبلية، وقد برز ذلك في اختلافهم الفكري الجوهري وصراعاتهم حتى في داخل التيار الواحد، وكان من تبعات ذلك عدم امتلاك الإسلاميين تصورًا واضحًا ومحددًا لتطبيق الشريعة الإسلامية، لا دستوريًا ولا عمليًا، بمعنى أن يكون خارج إطار التنظير، الذي اعتمدوا عليه في حشد مؤيديهم لسنوات، وأن الدافع وراء خطابهم المكثف حول الهوية وتطبيق الشريعة، ما هو إلا فرضٌ للوجود السياسي، وضمانةٌ لاستمراريتهم في تصدّر المشهد.

كما توصلت الدراسة الميدانية إلى إن الحضور الكثيف للسلفيين وحرصهم الشديد على التواجد السياسي ليس نتيجة الانفتاح السياسي بعد ثورتين أو إيمانًا منهم بالتحول الديمقراطي فحسب، وإنما أيضًا بسبب الميل الموجود لديهم إلى الدفاع عن مصالحهم ومكاسبهم في مرحلة ما بعد الثلاثين من يونيو، وهو ما يفسر رغبة السلفيين في الانخراط السياسي بأشكاله كافة، وهم في سبيل ذلك على أتم الاستعداد لتقديم جميع التنازلات الممكنة عن مفاهيمهم التأسيسية وكذلك تجاوز جميع الخطوط التي كانت من قبل حمراء.

وانتهت الدراسة بعدة توصيات أبرزها ضرورة الاهتمام والتوسع في دراسة الأطر الخبرية لمفاهيم تيارات الإسلام السياسي على حدة لإرساء الأسس المنهجية والنظرية في هذا المجال البحثي، نظرًا لندرة الدراسات في هذا المجال الهام، ما يستدعي مزيدًا من التراكم العلمي البناء.

كما طالبت الدراسة “الهيئة الوطنية للصحافة” ببذل المزيد من الجهد لضمان استقلالية الصحف القومية وتحريرها من قبضة الدولة، ضمن تلك الجهود الحثيثة التي تبذلها الهيئة حاليًا ضمن ما أعلنه مجلس الوزراء في فبراير 2020 من خطوات وقرارات لتطوير المؤسسات الصحفية المملوكة للدولة، في إطار ما خوّله لها الدستور من سلطة لتطوير وتحديث المؤسسات الصحفية، وتنمية أصولها، وضمان استقلاليتها وحيدتها

التعليقات مغلقة.