موقع اخباري شامل صادر عن مؤسسة تحيا مصر

حماس ..وإستراتيجية الهروب إلى الأنفاق !! ..

0

بقلم :
د. محمد المنشاوي..

على مدى التاريخ ، دائمًا ما يكون عدد الشهداء من الجنود فى أى حربٍ دفاعًا عن الوطن ، أكبر بكثير من عدد الشهداء من الشعب ، إستناداً الى حقيقة مفادها ؛ أن قوات العدو لا يجب أبدًا أن تصل إلى الشعب نساء وأطفال إلا على جثث الجنود الشرفاء ..

غير أن حركة المقاومة حماس قلبت القاعدة فى حرب غزة ، لأن عدد الشهداء الفلسطينيين المدنيين البالغ أكثر من ٦٠ ألفًا وضعفهم من المصابين ، يعادل ٧٠ ضِعف عدد القتلى من جنود حماس .. بالإضافة الى أن مدن قطاع غزة ومخيماتها تحولت الى مقبرة للشعب الفلسطينى دونما الجنود الصهاينه الغزاة ..

بل أن هذه الحركة “الإسلامية” بتخندقها وإختبائها تحت الأرض بسلاحها وعتادها فى الأنفاق ، وتركها للشعب الأعزل فوق الأرض ، سارت على عكس ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته فى معارك بدر وأحد والأحزاب وغيرها ، وتجنيب أهل المدينة ومصالحهم ، لرماح وسيوف مهاجمى قريش الذين كانوا أكثر عدةً وعتادًا وعددًا ، حفاظًا على النساء والأطفال وكبار السن ..!!

بل تناقض ما فعلته حماس فى حرب غزة ، مع أعراف حركات المقاومة المسلحة على مستوى العالم فى عقيدة الدفاع عن الأوطان وصد الغزاه والمحتلين والطامعين فى الأرض والعرض ..

أغلب الظن ، أن مسلحى حماس بهروبهم الى الأنفاق المجهزة والمكيفة والتى مكنتهم من البقاء والعيش لأكثر من عام وثلاثة شهور برفقة رهائنهم ، وتحولت غزة بذلك الى مقبرة للشعب الفلسطينى يدلل على ما يلى :

أولًا : أن حماس قد عدت العدة وإستعدت بهذه التجهيزات للهروب تحت الأرض قبل السابع من أكتوبر وتركت الشعب لرد الفعل الإسرائيلى المفرط عادةً .. وهذه خيانة..!! ..

ثانيًا : أن حماس بهذا التخندق تحت الأرض كانت على يقين بما ستفعله آلة البطش الصهيونية الغاشمة فى الشعب الفلسطينى فوق الأرض .. وهذه خيانة للشعب والقضية أيضاً !!..

ثالثًا : أنه كان من الطبيعى أن يسفر الإنتقام الصهيونى والإبادة على هذا النحو الدموي الى نزوح شعبى جماعى من شمال القطاع الى جنوبه ، بل إلى خارج القطاع صوب سيناء .. وهذه أيضًا خيانة للشعب والقضية !! ..

رابعًا : إذا كانت حماس تتوقع النتيجة أو تعلم بها وما قد يؤدى الى تفريغ غزة من سكانها ، فما فعلته لا يخرج عن كونه جهلًا أو تواطؤاً ، يتفق مع هدف الدولة الصهيونية.. وتلك مصيبة !! ..

ولولا القيادة السياسية المصرية وموقفها الصارم فى وجه المخطط الصهيونى الغربى للتهجير القسرى للفلسطينيين لعبروا الحدود ولضاعت الأرض ولإنتتهت القضية الفلسطينة الى الأبد ، ولتم تفريغ غزة من سكانها ، بل ولتحقق برعونة حماس سيناريو توريط مصر فى حرب مع إسرائيل ..

إن جُل ما فعلته حماس وتباهت به أمام الكاميرات عقب توقيع الإتفاق أنها حافظت على سلامة الكلب الذى كان برفقة الأسيرة الإسرائيلية الشابة ، غير أنها لم تحفظ سلامة ٦٠ ألفًا من الفلسطينيين الأبرياء نساء وأطفال وشيوخ الذين دفنوا تحت الأنقاض وسويت بيوتهم بالأرض ..

الحقيقة ، أن إستراتيجية الهروب لحركة المقاومة حماس إلى الأنفاق تحت الأرض وتركها للشعب الفلسطينى الأعزل حطبًا لجحيم القصف الإسرائيلى وسقوط هذه الأعداد من الأبرياء ، قد شكل سابقة فى عُرف عقيدة حركات المقاومة المسلحة التى جابهت القوى المحتلة فى منطقتنا العربية كالجزائر ومصر مثلاً بل وغيرهما على مستوى العالم ..

ففى عام ١٩٥٦ قررت جيوش ثلاث دول هى إسرائيل وبريطانيا وفرنسا شن عدواناً ثلاثياً على مدينة بورسعيد ، غير أن المقاومة الباسلة سطرت ملحمة فى مواجهة دبابات ومدفعية الجيوش الثلاثة المعتدية ، ولم يهربوا بل واجهوهم بأسلحتهم الخفيفة دون خوف أو تراجع أو خنوع دفاعاً عن مدينتهم ..

وفى أكتوبر ٧٣ سطرت المقاومة الشعبية فى السويس ملحمة أخرى ضد الهجوم الإسرائيلى على مدينتهم وكبدوا العدو الإسرائيلى خسائر فادحة عندما حاولت قوات العدو من خلال لواء مدرع وكتيبة مشاه ميكانيكى إحتلال السويس ، ولم يهربوا ولم يتراجعوا ولم يتخلوا عن المدينة ..

ويحفل سجل الجنود المصريين على مدى السنوات الأخيرة ببطولات فردية وجماعية فى صد هجمات الإرهاب المدعوم من إستخبارات ست دول أجنبية حاولت دون جدوى مهاجمة الأرض المصرية من جهتى الشرق والغرب ، غير أنها باءت جميعها بالفشل الذريع والمهين على مسمع ومرأى من العالم المراقب لمؤامراتهم الدنيئة ضد مصر بفضل شرف الجندية المصرية التى لا تعرف التراجع أو الهروب أو الإختباء دفاعًا عن الشعب ومصالحه..

ففى أى حرب على مدى التاريخ تكون أعداد الشهداء من الجنود أكثر من شهداء الشعب ، أما فى حرب غزة ، تحولت غزة الى مقبرة لشعبها ، وتحولت أنفاقها لغرف مكيفة لحماس ..
وفى النهاية بقى العدو فوق الأرض ، وحماس تحت الأرض ، والشعب خارج الأرض ..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.