كتب- محمد رأفت فرج
صدر مؤخرًا عن دار الكتب والدراسات العربية، كتاب علمي جديد حول الصحافة الرّقمية لكل من الدكتور عبد الكريم الزياني أستاذ الصحافة والإعلام الرقمي المشارك بالجامعة الأهلية بالبحرين والدكتور ساعد ساعد أستاذ الصحافة والنشر الإلكتروني، بعنوان “الصحافة الرقمية من الوسائط المتعدّدة إلى الذكاء الصناعي” في 276 صفحة من الحجم المتوسّط.
وينقسم الكتاب الذي صدر في شهر مارس 2021، إلى ثمانية فصول. تبدأ بمدخل للصحافة الرقميّة، في فصلٍ أوّل، حيث تعمّق الباحثان في مفهومها وخصائصها وتطوّرها وأنواعها، ثم مستقبلها. يتلو ذلك فصلٌ ثانٍ حول صحافة الوسائط المتعدّدة (الملتميديا)، وفيه توسّع الباحثان في التعريف بها والظروف التي ساعدت على انتشارها ثم خصائصها ومميزاتها وصولا في نهاية الفصل إلى تطبيقات هذه الوسائط في العمل الصحفي. ثمّ في الفصل الثالث يعالج الباحثان مسألة صحافة الفيديو، بدءًا بمفهوم ‘الفيديو-غراف” وخصائص هذا النوع الصحفي ومميزاته، مع دليلٍ كامل لتصوير قصّةٍ صحفيّة بالفيديو، ثم التركيز بشكل دقيق على الضوابط الأخلاقية لصحافة الفيديو، وصولا في نهاية الفصل إلى الحديث عن مستقبل هذا النوع من الصحافة.
في الفصل الرابع، يسلّط الباحثان الضوء على مسألة صحافة الهاتف المحمول، بداية بتاريخ تطوّر الموبايل، ثمّ خصائص هذا النوع من الصحافة والمهارات التي يجب يمتلكها الصحفي عند ممارستها ثمّ شروط إنتاجها وصولا في نهاية الفصل إلى آفاق صحافة الموبايل والتصورات المستقبلية في هذا الاختصاص.
وفي الفصل الخامس من الكتاب، يدرس الباحثان موضوع صحافة البيانات “الأنفو-غراف”. بدايةً بتعريفها ثمّ أهميتها في العمل الصحفي، والمهارات الضرورية في التعامل مع البيانات وطرق الحصول عليها وتحليلها، وخاصة طريقة تحويلها إلى قصّة صحفيّة وأساليب تصميم البيانات وآليات عرضها، ختامًا بأخلاقيات التعامل الصحفي المحترف مع البيانات.
في الفصل السادس، يعالج الباحثان الدكتور الزياني والدكتور ساعد، مسألة الصحافة الحاسوبية. والفرق بينها وبين صحافة البيانات، ثمّ تاريخية ظهورها، أي الصحافة الحاسوبية، والحاجة إليها في العمل الصحفي، ثمّ تقنياتها وصولا في نهاية الفصل إلى التحديّات التي تواجه هذه الصحافة مستقبلاً.
وفي سابع فصول الكتاب، يتوسّع الباحثان في موضوع صحافة الذّكاء الاصطناعي. من خلال البحث في مفهومه وعلاقته بالعمل الصحفي، ودور التكنولوجيا المتطورة في إنتاج الأخبار والقصص الصحفيّة، وتحدّيات الذكاء الصناعي في ميدان العمل الصحفي، وصولاً لتأثيراته المستقبليّة المتوقّعة على هذا الميدان. ثمّ يعرض الباحثان ضمن هذا الفصل تجارب المؤسسات والصحف العالمية في استخدام الذكاء الصناعي، ثمّ استخدامه في الصحافة العربية، عارضين في النهاية للمصطلحات المتعلقة بالذّكاء الصناعي.
في الفصل الثامن والأخير من هذا الكتاب، يتعرّض الدكتور الزياني والدكتور ساعد إلى مسألة صحافة الروبوت، بدءًا بتعريفها. ثمّ بحث في الفرق بين صحافة الروبوت والذكاء الاصطناعي. كما يرصد الباحثان في هذا الفصل مميزات هذا النوع من الصحافة، ثم موقف الصحافيين من اعتماد الروبوت في ميدانهم، ثم رصدٍ لتأثيرات هذا النوع من الصحافة في البيئة الإعلاميّة، ومستقبل الصحفيين في ضوء تطوّر هذا النوع من الصحافة، وصولا في نهاية الفصل إلى البحث في مستقبلها وآفاقها.
تكمن أهميّة الكتاب في كونه يقدّم للمختصين في المجال، صحافيين أو أكاديميين (وحتى قرّاءٍ عاديين) إضافات معرفيّة مهمّة جدًا في كل ما يتعلّق بالصحافة الرقميّة وتأثيراتها في العمل الصحفي، وعلى البيئة الصحفية وعلى المستقبل ميدان السلطة الرّابعة وحتى مستقبل المشتغلين فيه.
هذا الكتاب/البحث بمحتواه الأكاديمي، الذي يتراوح بين التعليمي والمعرفي، يمثّل دليلاً حديثا (مُحيّنًا) وعمليًا لكافة المشتغلين في المجال الصحفي. يساهم الكتاب بمحتواه المتنوع وبمنهجيته العلميّة ولغته الدقيقة والواضحة ومراجعه الكثيرة في إثراء الفهم العام عند أي صحافي عربي يبحث عن تطوير معارفه في الميدان وتطوير مهاراته العمليّة كذلك.
يساعد الكتاب بشكل مهم جدًا كذلك في تطوير السياسات التحريرية في المؤسسات الصحفية والإعلاميّة، ويمكن اعتباره أحد المراجع المهمة لذلك، من خلال توجيه أساليب العمل وتوجيه التدريب وتوسيع مهارات العاملين من محررين وصحافيين عبر ما يطرحه من نماذج تطبيقية في استخدامات وتوظيف التقنيات الحديثة في العمل الصحفي.
وبالنسبة للأكاديميين فإنّ ما يتضمنه الكتاب من محتوى علمي، يمثّل مادةً مهمة للنقاش والتفاعل والنّقد. كما تمثّل قائمة المراجع المعتمدة في هذا البحث وثيقة هامة لتوسيع الاطلاع حول أهم الدراسات والكتب التي تشمل مجال الصحافة والإعلام والصحافة الرقمية والوسائط الحديثة.
أمّا القارئ العاديُّ فيجد في الكتاب، تعريفات مهمة، علميّةً ولكن غير جافة، ومستفيضة حول مفاهيم يسمع عنها بصفة دوريّة بدون أن تكون له تصورات واضحة حولها. ويجد في الكتاب كذلك صورة شاملة عن عوالم الصحافة والوسائط الجديدة وعرضًا تاريخيًا شيقًا لتطور تقنيات يستعملها بشكل مكثف في حياته اليومية دون فهم حقيقي لتأثيراتها ومدى إسهاماتها في جوانب أخرى من الحياة الاجتماعية وحتى في صناعة وعيه كمستهلك إعلامي.
إذن، بتجربة واسعة في الحقل الأكاديمي وبخبرة طويلة في مجالات الصحافة كممارسة، يقدّم الباحثان الدكتور عبد الكريم الزياني والدكتور ساعد ساعد، عبر كتاب “الصحافة الرقمية من الوسائط المتعدّدة إلى الذكاء الصناعي”، مادة علميّة على غاية من الأهميّة في جانبها المعرفي بحيثُ تمثّل مرجعًا مهمًا جدا في مجال الصحافة الرقميّة، ومادة عمليّة (تطبيقية) كذلك باعتبارها في النهاية دليلاً للكثير من الصحافيين والمؤسسات الإعلاميّة لتطوير المهارات والمعارف والخبرات وأساليب العمل وتوظيف التقنيات الحديثة وتطويعها لخدمة الصحافة ومؤسساتها.
التعليقات مغلقة.