69 عاما من البطولات و25 يناير عيد الشرطة المصرية
بقلم: حازم قطب
يعتبر يوم 25 يناير، هو عيد وطني لكل المصريين الشرفاء اللذين يقدرون الملحمة الوطنية العظيمة، التي تصدى فيها ضباط وجنود وزارة الداخلية بمحافظة الإسماعيلية، أمام المحتل البريطاني، بكل عزة وشرف وكبرياء، للدفاع عن هيبة الشرطة المصرية وعدم خضوعها لتجبر المحتل الإنجليزي، الذي أراد كسر شوكة وكبرياء رجال الشرطة المصريين، في موقعة ذكرها التاريخ الإنساني على مدى 69 عاما، بكل فخر واحترام وإعجاز.
ويخلد يوم 25 يناير، من كل عام، ذكرى موقعة محافظة الإسماعيلية، التي أسفرت عن سقوط 50 شهيدا و80 جريحًا من رجال الشرطة المصرية على يد جنود الاحتلال الإنجليزي يوم 25 يناير 1952،. بعد رفض رجال البوليس المصري، تسليم اسلحتهم التي كانت بالمناسبة بسيطة وبدائية، وإخلاء مبنى محافظة الإسماعيلية، تنفيذا لأوامر الاحتلال الإنجليزي، الذي قرر محاصرة مدن القناة الثلاث، لإحكام قبضتهم على الفدائيين المصريين اللذين خرجوا بالمئات للدفاع عن الأراضي المصرية وتحريرها من براثن جيش الاحتلال الإنجليزي.
وكتبت معركة الإسماعيلية، إحدى فصول النضال الوطني الذي ثار كالبركان، على خلفية إلغاء معاهدة 1936 التي كانت فرضت على مصر، بأن تتخذ من المحتل الإنجليزي وليا لها، وإخضاعها للدفاع عن مصالح بريطانيا، وإضافة أعباء جديدة عليها من توالي غارات جيش الاحتلال الإنجليزي، والتي هدمت الموانئ وهجرت المدن خلال فترة الحرب العالمية الثانية، وما أن وضعت الحرب أوزارها حتى ثارت الحركة الوطنية الشعبية، للمطالبة بإلغاء المعاهدة والاستقلال عن بريطانيا، فرضخت حكومة حزب الوفد استجابة للحراك الشعبي، وأعلن مصطفى النحاس باشا، رئيس الوزراء، إلغاء المعاهدة في 8 أكتوبر 1951، أمام مجلس النواب المصري، فنهض الشباب المصري في غضون أيام قليلة إلى منطقة القناة لضرب معسكرات الجيش البريطاني المحتل في مدن القناة، ودارت هناك معارك ساخنة بين الفدائيين وجيش الاحتلال، وترك أكثر من 91572 عاملا مصريا، العمل داخل المعسكرات الإنجليزية، وامتنع التجار عن إمداد المحتلين بالمواد الغذائية والمياه، للمساهمة في حركة الكفاح الوطني التي ثارت كالبركان ضد الإنجليز.
انزعجت الحكومة الإنجليزية في لندن، من ثورة البركان المصري، فراحت تهدد باحتلال القاهرة، إذا لم تتوقف مسيرة النضال الشعبي، إلا أن رجال مصر الأوقياء لم يعبأوا بتهديدات جيش الاحتلال الإنجليزي، وبالرغم من الأمر الذي أزعج حكومة لندن فهددت باحتلال القاهرة إذا لم يتوقف نشاط الفدائيين، ولم يعبأ الشباب بهذه التهديدات بالرغم من التفوق الحربي البريطاني، واستكملوا مسيرتهم الوطنية واستطاعوا بما لديهم من أسلحة متواضعة وبسيطة، أن يكبدوا جيش الاحتلال الإنجليزي خسائر فادحة، فأدركت بريطانيا العظمى، أن الفدائيين يعملون تحت حماية رجال الشرطة المصرية، فعمدوا إلى تفريغ مدن القناة من أي قوات للبوليس المصري، ليتمكنوا من الاستفراد بالمدنيين الفدائيين وتجريدهم من الغطاء الأمني، إلا أن قوات البوليس المصري رفضت تسليم محافظة الإسماعيلية، على الرغم من عدم قدرة أسلحتهم وتدريباتهم على مواجهة الجيش الإنجليزي المسلح بالمدافع، وفي صباح يوم الجمعة 25 يناير 1952، استدعى البريجادير أكسهام، القائد البريطاني بمنطقة القناة، ضابط الاتصال المصري وسلمه إنذارا بتسليم قوات الشرطة المصرية بالإسماعيلية، أسلحتها للقوات البريطانية، وترحل عن منطقة القناة وتنسحب إلى القاهرة فورا، إلا أن المحافظة رفضت الإنذار وأبلغت قرارها إلى فؤاد باشا سراج الدين، وزير الداخلية حينها، والذي طلب من رجال الشرطة في الإسماعيلية الصمود وعدم الاستسلام والمقاومة، فما كان من القائد البريطاني، إلا أن استشاط غضبا وأمر بقواته بمحاصرة قوات شرطة محافظة الإسماعيلية، وأطلق المحتل البريطاني نيران مدافعه بوحشية على مدار أكثر من 6 ساعات، في الوقت الذي كانت فيه قوات الشرطة المصرية مسلحة ببنادق قديمة الصنع وبالية، وحاصر حوالي 7 آلاف جندي إنجليزي، مبني محافظة الإسماعيلية، والثكنات، أمام 130 جنديا مصريا فقط، واستحضروا شعار “إما الوطن أو الشهادة”، فكانت معركة غير متساوية القوة بين قوات الاحتلال البريطاني ورجال الشرطة المصريين المحاصرين، الذين دافعوا ببسالة عن أرض الاسماعيلية، بقيادة الضابط المصري مصطفى رفعت، وسقط منهم 50 شهيدًا وأكثر من 80 جريحا، الذين رفض العدو الإنجليزي تقديم أي إسعافات لهم، ومن يومها وأصبح يوم 25 يناير هو عيد لأبناء الشعب المصري والشرطة المصرية.
في 25 يناير 2011، انطلقت شرارة المؤامرة الكبرى ضد مصر وشعبها، باعتراف من بعض الشرفاء اللذين شاركوا فيها، دون علم منهم أنهم تورطوا في مؤامرة ضد بلدهم، ولم يكونوا على دراية بأن الغرض من وراء مطالبهم المشروعة، هو إسقاط جهاز الشرطة المصرية، إذ أنه أهم أعمدة الدولة ومحو تاريخ كفاح شعب بكامله، إلا أن انكشاف المؤامرة لم يستغرق وقتا طويلا، واستطاع الشعب المصري مساندة قوات الشرطة لاستعادة قوتها من جديد بكل كفائة، لإرساء دعائم الأمن والاستقرار على جميع أنحاء الأراض المصرية، تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، لاستعادة الأمن والأمان للمصريين.
وعلى الرغم من التحديات التي تواجهها الدولة المصرية، والمؤامرات التي تحاك ضد مصر، وشعبها الأصيل، لإسقاط الدولة في براثن المتأمرين وقوى الشر والظلام، إلا أنه أصبح لزاما علينا أن نحكي بكل إصرار لأولادنا في هذا الوطن، عن حجم البطولات والتضحيات التي يبذلها رجال الشرطة والجيش المصريين البواسل، وكيف يتصدون بصدورهم لرصاصات الغدر والخيانة من الأعداء في الداخل والخارج، كما تستوجب مستجدات الأحداث خلال السنوات الـ10 الماضية أن نعلم لهذا الجيل من الأبناء والأطفال والشباب احترامهم للتواريخ الوطنية التي ساهمت في كتابة تاريخ هذا الوطن العظيم، وليعترف التاريخ وتقر الأحداث بأن 25 يناير، هو عيد للشرطة المصرية فقط.
التعليقات مغلقة.