معلومة اقتصادية في كبسولة
يقدمها دكتور محمد سيد أبو نار
الخبير الإقتصادي والمصرفي
(أهمية الحكم اللامركزي)
بمناسبة قرب انتخابات المجالس المحلية بعد الانتخابات التشريعية العام قبل الماضي لتقوم بتلبية احتياجات المواطنين لاكتمال الإطار المؤسسي الديمرقراطي.
وهنا أود أن أشير إلي أهمية اللامركزية نتيجة ارتباطها الوثيق بالديموقراطية لإرساء دعائمها.
إن تعريف اللامركزية هو نقل مسئولية التخطيط والإدارة وزيادة الموارد والتخصيص من الحكومة المركزية إلي:-
أ) الوحدات الميدانية من وزارات الحكومة أو الوكالات المركزية.
ب) الوحدات أو المستويات الأقل التابعة للحكومة.
ت) السلطات الوظيفية أو الأقليمية.
ث) المنظمات غير الحكومية.
وهناك عدة أنواع من اللامركزية منها:-
– السياسية:- إن سلطة صنع القرار العام تعطي للمواطنين وممثليهم.
– الإدارية:- الحكومة المركزية تشارك المسئولية والمصادر المالية بين المستويات المختلفة من الإدارة العامة (التي تخلقها الحكومة الحكومية المركزية).
– المالية:- إن قوة جلب الإيرادات وحرية انتقالها ُتنقل من الحكومة المركزية.
– الاقتصادية:- نقل المسئولية من القطاع العام للقطاع الخاص (من خلال الخصخصة والشراكة العامة والخاصة وغيرها من الصور).
وخلال ستينات وسبعينات القرن الماضي كان هناك اتجاه قوي نحو المركزية نتيجة محاولات بناء الدولة خاصة بعض الاستقلال من الاستعمار، أما حقبتي الثمانينات والتسعينات شهدت التحول الكبير والسريع من الدول نحو اللامركزية، وذلك كحركات موازية للتحول الديموقراطي الذي حدث بها, فحيث أن الأساس والمنطق للامركزية هو:-
– التعددية.
– المشاركة الفعالة.
– الكفاءة الاقتصادية .
وبالتالي فإن أساس اللامركزية أو لماذا تتجه الدول إلي الحكم اللامركزي هو:-
1) اقتصاديا:- مرتبطة بالتنمية المحلية والإقليمية كخفض الفقر والتنمية المتوازنة.
2) تخفيض الحمل عن الحكومة المركزية.
3) المحاسبية والاستجابة في تسليم الخدمة.
4) تنمية المواطنين وزيادة المشاركة من خلال الحكم المحلي.
أما عن شروط فعالية اللامركزية فتتلخص في العناصر التالية:-
– انتخابات محلية ديموقراطية (اللامركزية السياسية).
– انتقال الإيرادات (المسئولية لخلق الإيرادات ذاتياً) (اللامركزية المالية).
– الاستقلال في سياسة الإنفاق (في تقرير المهمة،والكمية، واتجاه الإنفاق).
إن السبب الأساسي وراء تأسيس حكومات محلية هو أن المواطنين لهم الحق في التأثير علي القرارات التي تمس حياتهم ومجتمعاتهم، ففي بعض الأحيان يمارسونها من خلال الخدمات الشخصية، وفي أحيان أخري يمارسونها من خلال خدمات محلية، فعلي سبيل المثال أن يكون لديهم قرار مباشر يمس في كيفية مراقبتهم ومراقبة المنطقة المحيطة بهم, ويكون ذلك من خلال تكوين مجالسهم، ولكن النقطة الأساسية هي أن يكون المواطنين المحليين لديهم القدرة أن يمارسوا هذا الحق من خلال قدرتهم علي انتخاب مجلس محلي قوي يستطيع أن يدير وبشكل يعبر عن مصالحهم، فالحكم المحلي لابد أن يكون مبني علي الديموقراطية المحلية، وهنا نجد الاتصال المباشر والمهم بين اللامركزية كأداة مكملة للديموقراطية.
تحدثنا عن العلاقة بين اللامركزية والديموقراطية، وتوصلنا إلي أن الديموقراطية تتطلب إطاراً من الحكم اللامركزي.
سنحاول في هذا المقال إيضاح جدوي الحكم اللامركزي من خلال الحجج التي صاغها المنظرون وكتاب الحكم اللامركزي في إيضاح أفضلية الحكم اللامركزي عن الحكم المركزي.
إن التعددية والمشاركة يعتبرا عنصران وثيقا الصلة باللامركزية من خلال النقاط التالية:-
– تتم عملية التصويت بصورة أسهل علي المستوي المحلي.
– خلق بيئة جيدة لعمل المنظمات غير الحكومية (حيث أن المشكلات المحلية تكون مرئية ومفهومة بدرجة أكبر للأفراد في المستويات المحلية).
– إن الحكومة المحلية تعتبر كمدرسة متدرجة ذات مراحل لممارسة الديموقراطية.
– إن المصوتين المحليين يعرفون ممثليهم علي المستوي المحلي أكثر من المستوي المركزي.
– اللامركزية تمكن من تطبيق طرقاً أسهل للإدارة والإنتاج علي المستوي المحلي.
– إن المشاكل المحلية يسهل حلها علي المستوي المحلي بدرجة أفضل من المستوي المركزي.
وبالتالي, فإن اللامركزية تزيد من الكفاءة والفعالية الاقتصادية للدولة وذلك لسببين وهما:-
– التخصيص الأمثل لعرض السلع العامة لمقابلة الطلب عليها.
– الانتقال الأسهل للايرادات المطلوبة لتمويل الوظائف العامة للدولة.
ولكن يظل هناك حجج يسوقونها أنصار الحكم المركزي وهي:-
– ضعف الاقتصاد الوطني وقابليته للتنوع وعرضته للتقلبات الخارجية.
– ضرورة التنسيق علي المستوي المركزي حتي في ظل نظام لا مركزي.
– وجود اقتصادات النطاق أو اقتصادات الحجم الكبير (أي كفاءة الإنتاج تتم عند الإنتاج علي مستوي كبير).
– ضعف الامكانيات والقدرات الادارية علي المستوي المحلي.
– النشاط الفردي للجماعات غير الرسمية علي المستوي المحلي وانتشار الفساد.
وقد رأت نظريات اللامركزية أنه تعتبر اللامركزية أكفأ من المركزية في الحالات التالية:-
– الاختلافات الكبيرة في الطلب علي السلع العامة بين المستويات المحلية، وأيضاً في حالة اختلاف تكاليف امداد السلع العامة للوحدات المحلية.
– وتعتبر أيضاً اللامركزية أكثر فعالية عندما تكون مرونة الطلب السعرية غير مرنة، وبالتالي فسيكون هناك ضرورة لإمداد نفس السلعة عند مستويات سعرية مختلفة.
– ولكن لا تعتبر اللامركزية فعالة عندما يتطلب إنتاج السلعة إنتاجها علي نطاق كبير كالكهرباء والمياه وغيرها من السلع العامة.
الحجج الأخري (بخلاف الفعالية):-
أولاً:- بالنسبة للوحدات المحلية الكبيرة:-
– تستطيع الوحدات الكبيرة إنتاج سلع عامة أكثر مما يزيد من مشاركة المواطنين.
– إن النشطاء المحليين يكونوا اقوياء بدرجة كبيرة لكي يشاركوا علي المستوي المركزي.
– اللامركزية أفضل لخلق وتطبيق استراتيجية التنمية المحلية وتوزيع الموارد.
– التناسب المنخفض بين الوحدات المحلية.
– التوزيع العادل للمنافع والتكاليف.
ثانياً:- بالنسبة للوحدات الصغيرة:-
– اتصال أسهل بين المواطنين وحكامهم.
– عدد أقل من الأفراد مطلوبون للإدارة.
– حكام أكثر قدرة إدارية وإبداعية نظراً لتعرفهم علي مشاكل مجتمعهم
– أما عن اقتصاديات النطاق فمن الممكن تعويضها من خلال ما يسمي (Public Private Partnership PPP) أو ما يطلق عليه المشاركة بين القطاع العام والقطاع الخاص من خلال المبادرات المشتركة.
قد رأي الاقتصادي الكبير أوتيس أن كل سلعة عامة يجب أن تقدم من خلال المستوي الأقل في الحكومة، وبالتالي يضمن استيعاب فوائدها كل فرد في المجتمع.
التعليقات مغلقة.