تتبُّع عورات الناس جريمة – والتلصُّص عليهم جريمة ، الغيبة والنميمة جريمة – وفضح الناس وإفشاء أسرارهم جريمة – التنمُّر جريمة ورمي الناس بالباطل جريمة ؛وقصف المحصنات جريمة ..
كلّ هذه الجرائم لا يرضىَ عنها الله ورسله أجمعين .. فالدين الذي ارتضاه الله سبحانه وتعالى للبشرية هو بناء واحد ،شارك فى بنائه كافة الرسل بوحى من الله واختار سبحانه وتعالى نبيّه محمد عليه أفضل الصلاة وأتمّ التسليم ليكون هو من يضع اللبنة الأخيرة فى هذا البناء المتكامل .. ونحن نؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرّق بين أحد من رسله ..
فإذا ارتكب أي منّا مُنكر أو ذنب أو معصية فهذا شأنه ( حرية شخصية بالتعبير الدارج ) لا حكم لأحد عليه ولا يجوز لأحد أن يحاسبه أو يغتابه أو يتنمر عليه ، خلقنا الله أحراراً وكفل لنا حرية الاختيار بل كفل لنا حتى حرية الكفر به سبحانه ( من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) .. هذا شأن شخصي بين العبد وربه ولا شأن لأحد “كائن من كان” بهذه العلاقة ، وكلنا نعلم أننا موقوفون ومسئولون ونعلم أن ( كل نفس بما كسبت رهينة ) ونعلم أنه ( من يعمل مثقال ذرة خير يره ومن يعمل مثقال ذرة شر يره ) ونعلم أن ( كلكم آتيه يوم القيامة فردا ) .. باختصار شديد لا شأن لأحد بحياة غيره ولا بأسرار غيره ولا بسقطات غيره ولا بعورات غيره ولا بمعاصي وذنوب غيره . وفى هذه الحالة ينطبق على الجميع مقولة المقرب إلى الله سبحانه وتعالى وجيه الدنيا والآخرة سيدنا عيسى عليه السلام ( من كان منكم بغير خطيئة فليرمها بحجر ) ..
أمّا إذا خرجت هذه الخطيئة أو المعصية أو هذا الفعل المنكر بحكم الدين أو بحكم العرف إلى العلن بأي وسيلة كانت ، وأصبحت حديث الناس فالأمر أصبح مختلف سواء كان خروجها إلى العلن بسبب المجاهرة ( أن يجاهر بها صاحبها ) أو أن يفشها أحدهم ( من أفشاها عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين إلى أن يرجع عن غيّه ويتوب عن فعله ويصلح ما أفسده ) ، فى هذه الحالة لم يعد الأمر شأناً شخصياً ولم يعد يخص صاحبه وحسب ولم يعد تناوله من قبيل التدخل فى خصوصيات الغير ولا من قبيل الغيبة والنميمة وإنما تناوله أصبح من باب الدفاع عن منظومة القيم التي ارتضاها رب العالمين للعالمين ، منظومة القيم التي ارتضاها سبحانه وتعالى للبشرية كلها .. ولا يعنينا فى هذه الحالة ولا يغير من الأمر شيء إذا كان أكثر الناس لا يفقهون .. فلم ترد عبارة أكثر الناس فى كتابنا الكريم إلا متبوعة بلا يفقهون أو لا يعلمون ..
وعليه .. الدفاع عن منظومة القيم التي ارتضاها الله للبشرية فى هذه الحالة يصبح فرض عين “على كل قادر” رجلاً كان أو امرأة .. فلا فرق عند الله بين الرجل والمرأة ،كما لا فرق بين عربي ولا أعجمي ولا أبيض ولا أسود إلاّ بالتقوى وكلّنا يعلم : (إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) .. وكلّنا يعلم أن التقوى محلّها القلب ولا يطّْلع على القلوب إلاّ ربّ القلوب ، هو وحده الذى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور فبأي حق نتنمّر على المذنب وكلنا مذنبون – يعني مفيش مجال لأي نوع من أنواع التنمُّر حتى على العاصي والمذنب – لأن حتّىَ أولياء الله الصالحين قد يذنبون..
إذاً .. الأهمّ أن تكون وسيلتنا للدفاع عن هذه المنظومة هي ( بالحكمة والموعظة الحسنة ) لا أكثر ولا أقل ، دون تنمُّر على العاصي الذى قد يكون عند الله تعالى أفضل منك ومن كاتب هذه السطور .
التعليقات مغلقة.