بقلم الدكتورة أميرة عبدالله الحوفى
أستاذ تمريض صحة المجتمع – جامعة أسيوط – جمهورية مصر العربية
أستاذة جامعية تمريض صحة المجتمع – جامعة جازان – المملكة العربية السعودية
(سفيرة مصر للنوايا الحسنة، عضو منظمة الصحة العالمية – المجلس القومى للمرأة المصرية)
بالرغم من الضغوط التى نعيشها هذه الأيام، يبدو أن الحكمة الإلهية تتجلى فى انتشار وباء كورونا ليكون لكوفيد-19 دروس مستفادة؛ ومنها رفع شأن جميع رواد الأعمال بالكادر الطبى والتمريضى، وكل العاملين بالقطاع الصحى بأكمله، ليصبح العلم هو الوسيلة الوحيدة للارتقاء بالصحة، وكأنها رسالة سماوية بالعلم والبحث العلمى والعمل نقضى على الأوبئة وترتقى الشعوب.
من المؤكد خلال معركة التصدى لوباء كورونا، التى يخوضها أسمى المهن “الجيش الأبيض”، وهم الفرق الطبية وملائكة الرحمة من الفرق التمريضية وهما خط الدفاع الأول فى مواجهة تفشى فيروس كورونا (كوفيد-19)، بينما يخضع الملايين للحظر المنزلى، فى العديد من بقاع العالم، من أجل الحد من تفشى فيروس، يخوض الجيش الأبيض حربًا لا هوادة فيها منذ أسابيع، فى مواجهة الفيروس القاتل، وهم يبذلون جهدًا مضاعفًا، يحرمهم فى أحيان كثيرة من ساعات نوم كافية، من أجل العناية بمن أصابهم الفيروس، معرضين حياتهم للخطر، فى وقت لا يحظون فيه هم أنفسهم، فى بعض الدول، بوسائل الحماية الكافية لأداء مهمتهم الصحية.
إعلاء قيمة البحث العلمى والباحثون فى جميع أنحاء العالم، فأردنا أن نصنع دواءً ولقاحًا ضد الفيروس القاتل، ليضبط كورونا المثلث المقلوب فلم نطلب من المشاهير وأشباه المثقفين صنع الدواء أو اللقاح فانتظر العالم الصرح الطبى من العلماء فقط، وانتبهت العديد من الدول بقيمة التقدم العلمى وأعادت ميزانيات البحث العلمى التى سقطت سهوًا وسط زحمة المعيشة الحياتية. وضع كوفيد 19- العالم كله فى الأزمة نفسها، لا يوجد الآن دولة متقدمة ودولة نامية، فقط هل لديك نظام طبى وتمريضى يتعامل مع الكوارث والأزمات أم هى ادعات كاذبة، وهل لديك منظومة بحثية قوية قادرة على التعامل مع كل ما يستجد من مشاكل أم لا؟.. فسقطت الأقنعة عن بعض الدول التى ادعت العلم والحريات وحقوق الإنسان لتعطى المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية درسًا ومثلاً يحتذى به العالم بأكمله فى مواجهة فيروس كورونا، فالشكر واجب أن يؤرخ لحكومة دولتى جمهورية مصر العربية الممثلة فى فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى، ومن المؤكد عجز اللسان عن التقدير للجهود العظيمة التى عشتها بنفسى لفخامة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولى العهد الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله – فى مواجهة كارثة فيروس كورونا. جهود جبارة واضحة وحقيقية للدولتين والحكومتين والشعبين، اللذين يعملان ليل نهار من أجل إعلاء قيمة الصحة والقضاء على تفشى المرض وعلاج المرضى.
أعاد كوفيد-19 المثلث المقلوب لمنظومة السلوكيات الصحية غير السليمة لوضعها السليم، وخاصة فى مجتمعاتنا العربية من كثرة السلام بالتقبيل، فيمكن التعبير عن المحبة والامتنان بإفشاء السلام دون التقبيل وبالابتسامة والكلمة الطيبة، فاضطررنا لرفع مستوى الثقافة الصحية للحد من مخاطر الإصابة بالعدوى عن طريق المواظبة على تنظيف اليدين بفركهما بمطهر كحولى أو بغسلهما بالماء والصابون وتغطية الأنف والفم عند السعال والعطس بمنديل ورقى أو بثنى المرفق، ولبس الماسك والجونتيات وتجنب مخالطة أى شخص مصاب بأعراض مشابهة لأعراض البرد أو الأنفلونزا، وأيضًا الحافظ على مسافة متر واحد أو 3 أقدام بين الأشخاص لنتعلم خطورة التكدس وتعلمنا تطهير الأسطح والملابس.
وضع كوفيد-19 شعوب العالم فى نفس نقطة الحجر المنزلى ليصبح شعار الزم منزلك، شعار المرحلة، لنكتشف أن معظم الأعمال التى اعتقدنا أنها مهمة يمكن الاستغناء عنها بسهولة، نعم أكيد كلنا نعانى من الملل ولكن من المؤكد أن هناك دروسًا إلهية مستفادة ومن لم يستفد من أخطائه ويصححها سريعًا ويتعلم من تجاربه فلن يكتب له النجاح، وأثبتت الدراسات أن متابعة الأخبار السلبية تضعف الجهاز المناعى لذلك لا يجب التهويل ونشر مقاطع وأخبار من شأنها إشاعة الخوف والتهويل بين الشعوب، ولا يجب الاستهتار واستنكار الموباء. بعد اتباع الإجراءات الوقائية يمكن تنظيم الوقت بالمنزل فى الاستفادة بالقراءة وسماع القرآن الكريم والتأمل والرياضة المنزلية. وهناك طرق عديدة لرفع مستوى هرمونات السعادة فى الجسم، ومنها: ممارسة الرياضة والاستماع للموسيقى، وشرب كميات كافية من السوائل. الحرص على تناول الموز والأناناس والبرقوق يمكن تناول الشوكولاتة السوداء بما يتناسب مع برنامجك الغذائى. الحرص على تناول الأسماك والمأكولات البحرية، والحرص على علاقات اجتماعية متجددة ومليئة بالعاطفة، تحديد أهداف لحياتك واسعى فى تحقيقها. اكتشف هوايات جديدة ومارسها، لابد من الاستفادة من وقت الفراغ بما يعود عليك بالفائدة حتى لا تشعر بالملل. اخلق توازن بين العمل المنزلى والترفيه فإن لبدنك عليك حقًا، وكذلك الحوار الأسرى أساس السعادة، ولنجعل التفاهم والحوار أساسا لحياتنا ويجب أن نتحلى بالأنماط السلوكية الإيجابية السوية والسليمة بشكل عام. ونحاول سويا التغاضى وتجاهل المثيرات السلبية ومسببات التعاسة فى هذه الفترة الحرجة لتمر بسلام، وأخيرًا وليس أخرًا أعتقد بل أتمنى تغيرًا حقيقيًا فى العالم بأكمله بعد العبور من أزمة كورونا.
التعليقات مغلقة.