موقع اخباري شامل صادر عن مؤسسة تحيا مصر

في صالون هزاع الثقافي .. تغيير ما بالأنفس أقصر الطرق للإصلاح الفردي والمجتمعي

خاص : مركز الراصد المصري للإعلام

ناقش صالون هزاع الثقافي في ندوته التي عقدت بمقر هيئة خريجي الجامعات السبت الموافق ٤ مارس ٢٠٢٣ قضية تغيير ما بالأنفس باعتبارها أقصر الطرق للإصلاح الفردي والمجتمعي.

في هذه الندوة ناقش الحاضرون معنى التغيير وكيف يكون وما هي شروطه ومعوقاته وما علاقة التغيير بالأنفس ولماذا هو أقصر الطرق للإصلاح سواءً على مستوى الفرد أو على مستوى المجتمع؟

ولأن التغيير يصب في الأساس في مصلحة الشباب؛ أتيحت الفرصة لكي يحاضر في الندوة كل من د. منى السيد سويلم ماجستير في القانون العام والشريعة الإسلامية التي تحدثت عن كيفية تغيير الأسرة المصرية للأفضل من خلال العلاقة المثالية بين الزوجين وعلاقة الوالدين بالأولاد وعن دور المرأة المصرية في تقليل الإدمان على الاستهلاك والحاجة إلى نشر ثقافة شراء الضروري.

وأشارت د. منى أن التغيير قد يكون جبريًا أو طوعيًا وقد يكون إيجابيًا أو سلبيًا وأن الفرق بينه وبين التطوير هو أن الأخير يأتي بالإرادة وأن كليهما يستلزم العلم والقدرة؛ مضيفة أن الإنسان له 5 مكونات هي الجسد والنفس والقلب والعقل والروح وأن كل مكون من هذه المكونات يحتاج إلى أن يراعى في عملية التغيير المستمرة وأن الحل السحري في نجاح التغيير يكمن في المراقبة.

وتحدثت د. أميرة شوقي استشاري العلاج النفسي وتعديل السلوك عن كيفية إحداث التغيير من خلال منظور علم النفس الاجتماعي مشيرة إلى أن الفرد هو نواة المجتمع مما يحمل تأثيرات من المجتمع على الفرد والعكس صحيح وأن التغيير إن لم يكن ناجحًا فإنه يرتد بشكل سيء على صاحبه حتى إنه قد يسبب لديه حالة من الإنكار وإن كان ذلك لا يمنع من المحاولة تلو الأخرى.

وقالت شوقي إن التغيير ينبغي أن يكون نابعًا من الداخل وأن يسأل المرء نفسه لماذا هو غير سعيد وكيف يمكن أن يكون حاله أفضل من الحال الذي هو عليه وما هو الذي يحتاجه لتغير ذلك مشيرة إلى أن التركيز على القيم والمبادئ وعرض الإنسان لنفسه عليها كفيل بأن يعرف أين يقف وما الذي ينقصه لتعديل سلوكه وأن يحاول تعويد نفسه على كل شيء جميل لكي يتحول إلى ذلك مع الوقت إلى سلوك إيجابي دافع وليس معوقًا حيث إن اعتياد استخدام الكلمات المهذبة ومراعاة قواعد التخاطب والتعامل يمكن أن يكون لها ثمار جيدة في تعديل السلوك.

فيما تحدثت الأستاذة نضال هزاع الأخصائية النفسية ومديرة مركز تأهيل وتخاطب تابع لمؤسسة زايد العليا لأصحاب الهمم والروائية والكاتبة عن تجربتها في نطاق عملها حيث إن عملية التأهيل والتخاطب هي عملية تغيير نفسي وعن كيفية تناولها لذلك من خلال الإضاءة عن علاقات البنات المراهقات والتأثيرات النفسية عليهن في روايتها “علاقات حور” وفي كتابها “ولأنني إمرأة”.

وتحدثت نضال عن كيفية حدوث التغيير في النفس وأن أول خطوة لذلك هي: اعرف نفسك برصد السلبيات والإيجابيات وفي حالة تعرض المرء إلى مواقف أو مشكلات يحدد المشكلة بشكل صحيح وأين أخطأ وأين كان يجب أن يصيب إذ أن التجارب هي أكبر من الدوافع للتغير وأكثر الأمور تعليمًا للمرء مشيرة إلى أن المرء ينبغي أن يضع له ترمومتر لسلوكه راصدة بشكل جيد للقضايا التي تخص المرأة ومنتقدة أدعياء الدفاع عنها وأن التغيير ليس هدفًا في حد ذاته ما لم يصب في شيء إيجابي و في الحديث عن كتابها الذي  تكتبه هذه الفترة، وهو عن مرحلة المراهقة في العصر الحالي، قدمت رجاء أن يجري رصد تأثيرات علاقة التكنولوجيا بالفئة من ٩ الي ٢٥ سنه والتي هي تقريبًا مرحلة المراهقة لما لذلك من مخاطر بالغة على الأسرة وبالتالي على المجتمع المصري ككل.

أدار الندوة الباحث السياسي والكاتب الصحفي بجريدة الأهرام: ياسين غلاب.

كما شارك عدد من الحاضرين بمداخلاتهم حول تغيير النفس المنشود فسألت الأستاذة عبير حنفي عن كيفية اتخاذ قرار التغيير وتأثير ذلك على الأسرة – دائرة الانتماء الأقرب- فيما تحدث الوزير المفوض السيد الهادي عن كيف تتصدر أنفسنا قائمة أعدائنا الأشد خطورة وتعاملنا معها كخصم وبالمناسبة هو أديب ذو نكهة فلسفية متميزة وله عدة كتب منها الانتحار والإنسان الثالث؛ وسعداء بالصدفة.. معذبون بالوراثة وحوار مع ظهر المرآة والرقم والمعنى في رياضيات التعريف وفلسفة الكم والموت يتجه غربًا والإنسان ذلك المضحوك عليه.

أما الأستاذ أحمد أبو باشا رجل الأعمال فتحدث عن التدريب على كيفية التغيير فيما تحدث الكاتب الصحفي إيهاب أصيل عن المنظومة القيمية وكيف تبدلت وكيفية استعادتها فيما تحدث المهندس سيد الشيشيني عن تجربة ابنه الشخصية وكيف ارتقى علميًا على مدار عدة سنوات من معهد فني صناعي إلى مهندس ميكانيكا وأثر الدين في ذلك وكيف أن هذا التغيير يحتاج إلى تغيير لأنه كان من نقيض إلى نقيض بشكل حدي تمامًا.

عقب الكاتب الصحفي والمحلل الجيوسياسي ورئيس قسم الشئون الدولية بمجلة الأهرام العربي على هذه القضية بطرحه لسؤال مهم وهو هل أن مجرد الرغبة في التغيير يحدث التغيير أم أن إرادة التغيير ناتجة عن احتياج ما؟ مشيرًا إلى أن وجود حرف الجر الباء في قوله تعالى (لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) يفيد الإلصاق والمقايضة؛ لذلك يحتاج الإنسان إلى النظر والتأمل في الشوائب التي علقت بنفسه ليتخلص منها ويعيدها إلى الفطرة، أي كل ما يتعلق بالخوف والطمع وأن معرفة ما هو الذي نتخلص منه هو بداية التغيير وأن أكبر خداع هو خداع النفس للنفس ولذلك فإن تغيير الأنفس وما بها أصعب من تغيير المجتمعات وهندستها.

وأضاف الأستاذ أسامة الدليل أن ما يجري في العالم هو قيام دول بوضع أجندات لتغيير مجتمعات دول لصالحها ولكي تكون تابعة لها وأن ذلك يجري بمعرفة خصائص وسمات هذه المجتمعات والعمل على بدء تغيير تراكمي يقاس كل فترة لتطويره ولهذا فإن كل النظريات الغربية والشرقية مثل الليبرالية والشيوعية وغيرها إنما تهدف في الأساس إلى تجريد المجتمعات المغايرة لها من قيمها وسماتها الخاصة فمثلا الليبرالية تنشر ثقافة الفردية والسوق والاستهلاك في مقابل ثقافة التعاون والإيثار والتكافل الاجتماعي في مجتمعنا وهكذا..

وأكد الأستاذ أسامة الدليل أن الله سبحانه وتعالى ألهم النفس فجورها وتقواها وأن تغيير ما بالأنفس يحتاج إلى أن نرى مسببات الفجور في أنفسنا ونحاول التقليل منها وأن نبحث عن وجوه التقوى لدينا ونزكيها وأنه من خلال عملية المقارنة والمراقبة يمكن تغيير ما بداخل الأنفس ضاربًا مثلا بعادة إدمان الاستهلاك؛ فكيف لمن لا ينتج شيئا أن يبيح لنفسه التوسع في الاستهلاك ولمن لا يعمل أن يبرر إنفاقه الكبير.

أما الأستاذ محمد جاد هزاع نائب رئيس تحرير الجمهورية والمحلل الاستراتيجي فقد عقب على هذه القضية بقوله:

– أن الله سبحانه وتعالى ميز الإنسان بالإرادة على جميع المخلوقات ولهذا أعطاه باعثًا من داخله ومثيرًا من خارجه لكي يغير من نفسه إلى الأفضل وإلى ما يحقق له سعادته.

– وصف الله سبحانه وتعالى للإنسان بأنه خليفته دليل دامغ على هذه الإرادة وأن مناط هذه الإرادة هو التغيير ولهذا كان الإنسان قادرًا على أن يغير ما بنفسه وأن يغير من وما حوله.

– أن هذه الإرادة تتطلب الاختيار من بين بدائل أو احتمالات وأن هذه البدائل والاحتمالات لا تخرج عن المشيئة الإلهية بحال من الأحوال فالمشيئة الإلهية تعني كل الاحتمالات الممكنة أمام الإنسان سواء ما يحدث منها وما لا يحدث وبالتالي فإن إرادة الإنسان هي تعلق باحتمال من هذه الاحتمالات، أي اختيار.

– الخلافة أو تمييز الإنسان بالإرادة هو تجل لله على هذا الإنسان باسمه المريد ولذلك قال (منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة) آل عمران الآية 152.

– أن القدرة على الاختيار تتطلب قدرًا من العلم للتمييز بين البدائل أو الاحتمالات

– لكي يتم التمييز بين البدائل والاحتمالات يجب قياسها على معيار أو مرجع؛ وهذا المعيار أو المرجع لا يمكن أن يكون من جنس الشيء بل لا بد أن يكون من خارجه ولهذا أنزل الله الدين لكي يمكننا من معرفة أنفسنا ومحاسبتها وترويضها فيما يصب في صالح سعادتنا

– ولذلك فإن تغيير ما بالأنفس يعني الرجوع إلى الفطرة والتخلص من الأشياء التي اكتسبتها وسببت فسادها (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس)  الروم الآية 41.

– ولأن العادة أقوى من الديانة فقد يغير المرء ديانته ولا يغير عادته كان تغيير ما بالأنفس القضية الأصعب لذلك قال صلي الله عليه وسلم (رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر).

– وإذا استطاع كل منا أن يغير نفسه إلى الأفضل وفق هذه القاعدة الربانية أو إذا كانت النسبة الغالبة أو ما أسميه “المتوسط الحسابي” استطاعت أن تغير نفسها إلى الأفضل كان ذلك أقصر الطرق لإصلاح المجتمعات؛ ولذلك فشلت نظرية كنس السلم من أعلى التي قالت بها قوى التدين السياسي ونشرت الخراب والدمار والعنف في كل البلاد التي سيطرت عليها.

التعليقات مغلقة.