علاقة المخرج بالمؤلف تراوح بين التنافر والتوافق، حديث يطول حول هذه العلاقة بين طرفين يمسكان طرفي العصا، تبقى العلاقة بين المؤلف و المخرج متوترة وتتراوح مابين ( التنافر ) عند سقوط العرض المسرحي ( القبول ) مع نجاح العرض المسرحي فالمؤلف يُقدم على كتابة النص المسرحي في المقام الأول للتعبير عما يختلج داخله ثم ليتم تقديمه للجمهور بشكل جميل ورائع محتفظاً بما في نصه من أفكار ورؤى مع وضوح الخط الدرامي في النص محتفظاً بتراكيبة اللغوية، صوره الشعرية التي إبداعها وعانى كثيراً لتظهر كنص مسرحي، هذا ما يبحث عنه المؤلف .
المخرج يبحث في المقام الأول عن الشكل الإخراجي الذي يكفل له نجاح العرض واختيار الطاقم الذي يستطيع من خلاله إيصال فكرة النص والبحث في الطرق والوسائل التي تكفل نجاح العرض المسرحي من خلال ( السينوغرافيا )، التوزيع الحركي على خشبة المسرح، لغة الجسد ومختلف عناصر العرض المسرحي.
كما ان المؤلف يبحث عن وصول ( الكلمة ) لأنه أخذ الكثير من الوقت والجهد في إبداعها و المخرج يبحث عن ( الصورة ) والعرض المسرحي كاملاً المقدم على خشبة المسرح، في إعتقادي هذا هو السبب الرئيس لوجود علاقة متوترة بين المخرج والمؤلف تختفي هذا العلاقة عند نجاح العرض و تزداد عند إخفاق العرض المسرحي.
من وجهة نظري يخف توتر العلاقة بين المؤلف والمخرج عندما يشتركان في الأفكار و الاّراء فهما هنا يسعيان جميعاً لخلق عمل إبداعي وجميل، هذا بطبيعة الحال لايحدث آلا في الورش المسرحية التي يتحول فيها العمل الى عمل تشاركي بين كل أفراد الفريق المسرحي،كما من الممكن أن نشاهد هذه العلاقة التوافقية بين المخرج والمؤلف في الفرق المسرحية التي ينتمي لها أكثر من مؤلف يعملون على ورش للكتابة بالتشاور مع المخرج، اجتماع المؤلف مع المخرج دوماً يخلق بينهما حالة من الانسجام يستطيع من خلالها المؤلف ان يكيف النص المسرحي من خلال التشبع برؤى المخرج ويستطيع المخرج أن يعدل في طريقة إخراجه للنص وهو يحتفظ بكامل مكوناته ويتم التعديل في الإخراج وفي النص المسرحي بوجودهما في البروفات التحضرية للعرض فهما في حالة تمسرح دائمة حتى ولادة العرض.
عندما يكون المؤلف بعيداً عن مجموعة العرض من مخرجين وممثلين ، هنا يكون من الواجب عليه أن يكون هو أميناً على نصه ويحسن إختيار فريق العمل المنوط به تنفيذ العمل بداية، كذلك الإخراج ويضع الثقة بهم ويتحمل كل ما يترتب من أعباء العرض المسرحي بعد العرض كأحد أفراد الفرقة ، كما أن المخرج المختار يجب أن يهتم بالنص المسرحي ويحاول أن يكون في حالة تواصل بكل الطرق مع مؤلف النص بشتى الوسائل وهذا يتحقق في وجود وسائل التواصل الاجتماعي التي تجعلك في مكان الحدث رغم بعد المسافات .
هناك العديد من المؤلفين الذين يبدعون النصوص المسرحية ويكتفون بذلك فتصبح بذلك حق مستباح للفرق المسرحية التي تقدمها بمختلف الصور والأشكال دون العودة للمؤلف، منهم من ينجح، الغالب منهم يقدمون عروضاً لايرضى عنها المؤلف وتخلق العديد من المشاكل مابين المؤلف والمخرج تصل الى أن يتبرأ المؤلف من نصه المقدم، هنا أحمل في المقام الاول المؤلف الذي يسعى من خلال هذه العروض المسرحية التي تقدم نصوصه بشكل غير مرضى إلى التواجد وتقديم نصه المكتوب حتى ولو لم يكن راضي عنه فنياً، كما أن للمؤسسات الثقافية دور كبير جداً في أن تتجرأ الفرق المسرحية وتتسابق لتنفيذ نصوص مسرحية دون العودة للمؤلف فهي لم تسعى لحفظ حقوق المؤلفين من تشويه هذه الفرق .
اختفاء دور الدراماتورج من مجمل العروض العربية، بسبب عدم وجود اقتناع من أغلب المسرحيين العرب بدور الدراماتورج في العرض المسرحي، ومهمة الدراماتورج تحتاج إلى إطلاع واسع وثقافة مسرحية عالية هذا الآمر يجعل من تواجد الدراماتورج في العروض المسرحية صعباً، الدراماتورج من أهم المهام المناط بها تقريب وجهات النظر مابين المؤلف والمخرج في حالة حذف او إضافة في النص وتقريب وجهات النظر والمحافظة على النص من تسلط المخرج، هذا الاختفاء ساعد على إزدياد الفجوة مابين المخرج والمؤلف، مع العلم ان مؤخراً تم أعتماد عائد مالي ثابت للدراماتورج مثل السينوغراف في العروض المسرحية العالمية في العرض المسرحي ومتغير كل ما تم عرض للمسرحية مرة آخرى لآن علاقة الدراماتورج بالعرض لاتنتهي أبداً، فالعرض المسرحي يبقى في حاجة للدراماتورج دوماً لان العمل المسرحي ينمو مع كل عرض له .
سامي الزهراني – مسرحي سعودي
التعليقات مغلقة.