هنا فلسطين يقدمها : مصطفى صيام .
10 أشهر من حرب الإبادة الجماعية التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غز ة حصدت أرواح الآلاف من الشهداء والجرحى معظمهم من الأطفال والنساء.
حرب إبادة جماعية تتواصل لم يسلم منها البشر ولا الحجر، هدفها الرئيسي قتل الحياة بكل أشكالها، وللرياضة من هذه الإبادة نصيب، فتعرضت لكل صنوف الاستهداف والقتل والتدمير المتعمد، ما يمثل سياسة الاحتلال وعقيدته القائمة على سفك الدماء والفساد الأخلاقي والإنساني، وهو ما أدى أيضاً إلى توقف النشاط الرياضي في فلسطين منذ اليوم الأول للحرب وإلى الآن.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023 حصدت الحرب المستمرة أرواح أكثر المئات من المنظومة الرياضية، لتفقد الرياضة الفلسطينية خيرة أبناءها من اللاعبين والمدربين والإداريين وسط تخاذل دولي وصمت من المنظمات الرياضية الدولية.
وأظهرت آخر إحصائيات الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم المتعلقة برصد الانتهاكات، ارتفاع عدد شهداء الحركة الرياضية إلى أكثر من 350 شهيداً منذ السابع من تشرين أول/ أكتوبر، منهم 242 شهيداً في كرة القدم (67 طفلاً و174 بالغاً)، والالاف من الجرحى
والأسرى ولا يزال هناك عدد كبير من المفقودين تحت الأنقاض.
يضاف إليهم آلاف الجرحى والنازحين، ويبقى عدد المفقودين مجهولاً لقلة المصادر المتوفرة في قطاع غزة.
تدمير الملاعب
ولم تسلم الملاعب كذلك من الإجرام الممنهج، وعاث فيها الاحتلال وجنوده تدميراً وتخريباً وطغياناً. فقصفت طائرات الاحتلال ومدفعيته الكثير منها، بالإضافة إلى تدمير مقرات الأندية، ومقر الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم في قطاع غزة، ومقر اللجنة الأولمبية الفلسطينية.
ما سلم من ملاعب قطاع غزة من القصف، تحوّل إلى مراكز لإيواء النازحين الفارين من القصف مثل استاد محمد الدُّرة، أو تحوّل إلى معسكرات لقوات الاحتلال ومعتقلات ومراكز تحقيق ميداني لمئات الفلسطينيين الذي ذاقوا كل صنوف التعذيب والجرائم الإنسانية، وهذا ما صنعه جنود الاحتلال بملعب اليرموك، الذي دمّروه قبل انسحابهم.
أما واقع الحال في الضفة الغربية والقدس فلم يكن مختلفاً كثيرا، فاستهدف الاحتلال عدد كبير من مقرات الأندية الرياضية إضافة لتخريب الممتلكات والبنية التحتية والخدمية التابعة للقطاع الرياضي والكروي.
وحسب الإحصائيات، فقد تم تدمير واستهداف 49 منشأة رياضية، بواقع 42 في قطاع غزة، و7 في الضفة الغربية.
توقف النشاط الرياضي
واقع حرب الإبادة، وممارسات الاحتلال الإجرامية، كانت كفيلة بتوقف النشاط الرياضي فيي فلسطين حيث توقف دوري المحترفين الفلسطيني منذ اليوم الأول للعدوان، وبالتحديد في منتصف منافسات الأسبوع الثالث للموسم المنصرم 2023/2024، ودوري الدرجة الممتازة في قطاع غزة.
سياسة الخنق والتضييق والحد من الحركة التي يفرضها الاحتلال منذ عقود في الضفة الغربية مقطعة الأوصال بفعل المد الاستيطاني السرطاني، كانت لها تداعيات نفسية واجتماعية على الرياضيين وعائلاتهم كما هو الحال مع كل أبناء الشعب الفلسطيني.
يضاف إلى ما سبق، تدخل سلطات الاحتلال في تنظيم اللقاءات الكروية في فلسطين، وعادة ما تحول دون إقامة العديد منها دون مبررات منطقية أو مسوغات قانونية، ويتم ذلك عبر إجراءات أحادية الجانب، كعرقلة دخول الوفود الكروية والأندية والمنتخبات إلى فلسطين، من خلال منع أو تأخير إصدار تأشيرات الدخول، نظراً لسيطرتها العسكرية على المعابر الحدودية.
الأخطر من ذلك، هو انضمام عدد كبير من الرياضيين الإسرائيليين إلى جيش الاحتلال، والذين يشاركون في قتل الأطفال والمدنيين الأبرياء، وتدمير الحياة في فلسطين.
احتلال الأرض عبر الرياضة
لطالما عملت سلطات الاحتلال على توسيع نشاطها الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام1967، من خلال إجراءات وممارسات عديدة، أبرزها مصادرة آلاف الدونمات لصالح إقامة المستوطنات، وكل ذلك من أجل وأد أي محاولة لإقامة الدولة الفلسطينية.
الإسرائيليون أقحموا الرياضة وكرة القدم في احتلالهم وسرقتهم للأرض الفلسطينية، فعملت دولة الاحتلال والجمعيات الاستيطانية التابعة لها، على إنشاء أندية في المستوطنات غير الشرعية، واعتمادها وتسجيلها لدى الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم، والسماح لها بممارسة نشاطاتها على ملاعب أقيمت على أراضٍ فلسطينية محتلة، أو اتخذت من المستوطنات مقراً وعنواناً لها. ويسمح الاتحاد الإسرائيلي لأندية المستوطنات تلك، بالمشاركة في الدوري الإسرائيلي، وهو ما يشكل انتهاكاً صارخاً للمواد 3 و4 و11(1) و71(2) و72 من النظام الأساسي للاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” 2022، كما أن “الفيفا” وقوانينه الأساسية وقواعده التأديبية والأخلاقية، تحظر صراحةً دعم الإجراءات التي تنتهك حقوق الإنسان والقانون الدولي، والتي تم توضيحها في المواد 2 و3 و5 و47 من النظام الأساسي، بالإضافة إلى المادة 5 من مدونة قواعد السلوك.
مطالب عادلة
لم يقف الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم مكتوف الأيدي أمام هذه الممارسات والجرائم الإسرائيلية، بل حمل شعار محاسبة الاحتلال قانونياً، فلجأ إلى الاتحادات القارية والدولية، مطالباً بإنصاف الرياضة الفلسطينية، ومحاسبة الاحتلال على جرائمه.
وفي كلمة للفريق جبريل الرجوب، خلال اجتماع الجمعية العامة للفيفا الـ74، طالب بتعليق عضوية الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم كعضو في الاتحاد الدولي، وبشكل فوري، بما يشمله ذلك من عدم إمكانية ممارسة حقوق العضوية بموجب لوائح الفيفا ولضمان احترام قوانين الفيفا،
إنجاز رغم الألم
ورغم هول المشهد وقساوته كان المنتخب الوطني لكرة القدم يحارب على جبهة أخرى ومن قلب المعاناة والمأساة تأهل الفدائي الي نهائيات كأس آسيا والتأهل التاريخي إلي المرحلة الثالثة من التصفيات المؤهلة لكأس العالم لأول مرة في تاريخ المنتخب الفلسطيني.
ورغم توقف النشاط الرياضي يحمل المنتخب الوطني هم القضية الفلسطينية ويستعد لخوض منافسات المؤهلة لكأس العالم بجانب منتخبات كوريا الجنوبية ، العراق ، الأردن ، عمان ، الكويت.
أكثر من 300 يوم ولا تزال إسرائيل تمارس أبشع أنواع القتل والدمار بحث الشعب الفلسطيني، وتبقى الرياضة الفلسطينية من وسائل النضال في المحافل الدولية والتي تحمل القضية الفلسطينية في العالم.
التعليقات مغلقة.