كتب- مصطفى هنداوي
أصدرت الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية بجنيف، برئاسة مهاجري زيان، قالت فيه: إننا نعاني هذه الأيام في بلاد أوربا من ألم و جرح جديد ينضاف إلى الجراح والآفات والأوبئة التي تتالت علينا من قبل، ونسأل الله الرؤوف الرحيم أن يرفع البلاء والوباء عن عباده في أرضه.
وأوضح البيان، لقد ظهر من ينشر أقوالاً ومقالات وفتاوى بتكفير من يرى أو يصرح بأن الناس جميعا إخوة في الدائرة الإنسانية الكبرى أو ما دونها من دوائر القوميات والأوطان وغير ذلك، ونسي هؤلاء أننا نقصد ابتداء أزواجنا وأصهارنا، وبني جنسياتنا، وبني أوطاننا، ثم عموم الناس ممن يتعاون ويتضامن معنا ويساعدنا في بعض حاجاتنا، ونحن نبادلهم ذات الخُــلق والسلوك النبيل.
وقال البيان، إذ نعجب من مقولة هؤلاء فالعجب الأكبر في الخلط المتعمد منهم بين أخوة الدين التي اقتضتها العقيدة الإسلامية بين المسلمين، والتي هي محل إجماع، لثبوتها بالنصوص القطعية من الكتاب والسنة، وبين أخوة اقتضتها روابط وعلاقات إنسانية أو أعراف بشرية (الوطن؛ الجنسية؛ القومية…) متجاهلين بذلك جملة من الحقائق الدينية الثابتة بالنصوص القطعية، منها إثبات الأخوة بين الأنبياء والرسل وبين أقوامهم وإن كذبوهم وتآمروا على عداوتهم.
وأشار البيان إلى أن الأقوام كذَّبوا رسلهم وكفروا بهم، ومع هذا أثبت القرآن اسم الأخوة للرابطة القومية التي تربطهم برسلهم، فقد يكون الشخص أخاً لك في رابطة الدم الاثنية، أو الانتماء لبلد أو وطن حالي أو أصلي، وإن خالفك في الدين، كما يكون أخا لك في الدين وإن خالفك في الانتماءات الأخرى.
وأضاف البيان أن الأخوة الإنسانية تقتضي اهتماماً متبادلاً بين أفرادها، من التضامن والتعاون والتراحم والإحسان، وغير ذلك من القيم السامية التي تنبع من فطرة العطف على بني الجنس كله، والإسلام الذي حدد الغاية القصوى من رسالته بإتمام مكارم الأخلاق، يستوعب هذه القيم ضمن كلياته ومرتكزاته التشريعية.
وأكد البيان أن هذه الفتوى قبل أن نقول إنها تسبب لنا حرجاً كبيراً في الداخل الأوروبي، فإنها مما يفرح به ويبتهج له ذووا الاتجاه المتطرف المتكتلون سياسياً فيما بات يعرف بالأحزاب اليمينية وجماعات الضغط، ويعتمدون على مثل هذه الفتوى لتبرير أفعالهم المتشددة وتصريحاتهم المتحاملة، وسعيهم في استصدار قرارات وقوانين تمييزية غير عادلة، تضيق على المسلمين في أمورهم الدينية وغيرها، وهي بذرة شر وشرارة لإلهاب الدعوة إلى الصدام وإحياء مشاعر الكراهية التي نعاني منها.
وقال البيان، إننا نذكر أصحاب هذه المقالة أو الفتوى بأن انعكاساتها وآثارها السيئة لا تطال المسلمين في أوروبا وحدهم بمزيد المتاعب على واقعهم الصعب، بل تتعدى إلى عامة الأمة الإسلامية شرقاً وغرباً، فإن المسلمين يعيشون في كثير من الأوطان والبلدان، مع فئات دينية أخرى من المسيحيين وغيرهم، و يزاملونهم في الثكنات والمدارس والجامعات وأماكن العمل، ويجاورونهم في السكن، بل قد يشاركونهم في القرابة النسبية الأسرية والقبلية.
وشدد البيان عن رفض الهيئة الأوروبية للمراكز لهذا التسويق المسيء لديننا الحنيف، متسائلاً عن الغرض والمغزى من اختيار هذا الوقت لإصدار هذه الفتوى في ظروف صعبة تمر بها الإنسانية برمتها، جراء وباء كورونا، في الوقت الذي ينبغي فيه تكثيف التضامن والتعاون والتكافل بين جميع الدول والشعوب والأفراد، ولا سيما بعد أن بات الوباء ينذر بالتمادي لشهور عديدة، يضطر الجميع إلى التعايش معه.
السابق بوست
التعليقات مغلقة.