بقلم محمد داغر
منذ قيام ثورة الخميني الدامية واستيلاء نظام الملالي على الحكم في إيران وهي تقوم بعمل الشيطان ليس في الشرق الأوسط فحسب بل في العالم أجمع، فنظامها القائم على مبدأ نشر الثورة فكرياً ونشر التشيّع عقدياً لم يترك شبراً من الأرض لم تطاله سمومه، فكما لم تسلم دول الخليج العربي واليمن والعراق وسورية ولبنان وفلسطين من جرائم الإرهاب الإيراني. فيجب علينا أن نعلم جيدآ أن جميع الأقنعة وشياطين الشرق الأوسط أصبحوا الان في العلن وبدون أقنعة فبعد كشف قناع الإخوان الإرهابية وسقوطهم في مصر وكشف قناع الواهم أردوغان وأفكاره الاستعمارية لعودة خلافته العثمانية فيجب علينا نعلم أيضآ عن الشيطان الأكبر نظام الملالي الذي يساعدهم في الخفاء في كثير من الأحداث. فقبل الثورة الإيرانية وتكوين حكم الملالي الشيعي، كانت «دولة الشاه»، على وفاق تام مع مصر، لاسيَّما بعد حرب أكتوبر عام 1973، والتي كانت بداية تقارب الشاه محمد رضا بهلوي مع القاهرة، بعدما كان يناصر إسرائيل ويمدها بالبترول، لكن أثناء الحرب وجه الشاه دعمه للجيوش العربية، وبعدها توطدت العلاقات بينهما أكثر فأكثر. وحفظ الرئيس المصري الراحل «محمد أنور السادات» للشاه هذا الجميل، وأشاد به بشدة حتى بعد وفاته، ففي أحد خطاباته قارن «السادات» بين موقفه وموقف بعض الأشقاء العرب، عندما تعرضت مصر لخطر نفاد الاحتياطي النفطي خلال الحرب. ولما طلب «السادات» من الشاه إمداده بالبترول، تحرك على الفور وأمر ناقلات النفط الإيرانية الذاهبة إلى أوروبا بتغيير وجهتها في عرض البحر لتصب 600 ألف طن في الموانئ المصرية، وطالب بلقاء وزير البترول المصري للتنسيق بشأن الكميات التي تحتاجها القوات المسلحة خلال تلك الفترة، كما وسعت إيران مساعداتها الطبية للعرب، إذ نقلت الجنود السوريين الجرحى إلى طهران للعلاج. وقدمت كلٌ من مصر وإيران مشروع قرار مشترك للأمم المتحدة، بعد حرب أكتوبر بوقت قصير، تطالبان فيه بجعل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، في خطوة تستهدف إسرائيل التي تحتكر امتلاك تلك الأسلحة في المنطقة. وأثناء محادثات فك الاشتباك بين القوات المصرية والإسرائيلية، لعبت إيران دورًا نشطًا في تلك المفاوضات، ودعمت الموقف المصري القائم على مبدأ الأرض مقابل السلام، بل أوقفت جميع المساعدات العسكرية المقدمة لتل أبيب وتوقفت عن شراء السلاح منها؛ للضغط عليها أثناء المفاوضات، وحث الشاه، الرئيس الأمريكي وقتها «جيرالد فورد»، على الضغط على الإسرائيليين للتجاوب مع مطالب القاهرة. ومن هنا انقطعت علاقة مصر بإيران إلى غير رجعة، وفي خطاب الشهيد الراحل السادات أمام مجلس الشعب في سبتمبر من سنة 1981 أي قبل اغتياله بأيام قليلة، انتقد حكم الملالي وممارساتهم الدامية ، وفضح سياساتهم مبينًا أن طهران التي التي تبرر قطع علاقاتها مع مصر، بسبب توقيع معاهدة كامب ديفيد، هي نفسها تستورد ثلث غذائها من إسرائيل سرًّا. وقارن «السادات»، بين إيران قبل الثورة وبعدها، موضحًا أنها كانت تنتج 6.5 مليون برميل بترول يوميًّا، ولديها ثروات هائلة، ويدخل خزينتها 250 مليون دولار من حصاد تصدير النفط، لكنها خلال عامين فقط من حكم «روح الله الخميني» المرشد الأعلى للثورة الإيرانية تراجعت اقتصاديًّا وتدهورت أحوال المواطنين بها إلى حد كبير، وصار الإيرانيون يحصلون على الوقود بالبطاقات الشخصية في بلد نفطي غني، كان يمد دول العالم بالوقود. وتطرق الرئيس الراحل السادات -في خطابه المثير- إلى تورط «إيران الخميني» في شراء صفقة سلاح ضخمة من تل أبيب أيضآ سرآ، رغم أنهم ينتقدون المصريين على عقد سلام معهم مقابل استعادة أراض سيناء كاملة. وفي سبيل الحقد الملالي للنظام المصري، تواصل الملالي مع تنظيم الجهاد عام 1980 بواسطة المدعو «هادي خسرو شاهي»، السفير الإيراني السابق لدى الفاتيكان، وعرض علي الجهاديين خلال لقائهم معه في ملتقى الفكر الإسلامي في الجزائر، اغتيال زوجة شاه إيران «فرح ديبا» التي كانت تقيم في مصر في هذا الوقت لإحراج النظام المصري لكن العملية لم تتم. وفي العام التالي، أرسل ما يسمى بـ«تنظيم الجهاد الإسلامي» وفدًا إلى مدينة «قم» (معقل رجال الدين في إيران)، وعلى رأسهم القيادي الجهادي، «إبراهيم حديد»، والتقوا بالمرجع «آية الله حسين علي منتظري»، وعرضوا عليه خطة هدفها قيام ثورة إسلامية في مصر تطيح بالحكومة، واغتيال الرئيس السادات بمساعدة جماعة الإخوان الإرهابية. ووافق «آية الله منتظري»، على العرض، وأبدى تأييده ودعمه بشدة، واستفسر منهم عن الدور الذي يمكن أن يضطلع به النظام الإيراني مع جماعة الإخوان ؛ لإنجاح تلك الخطة، فطلب منه زعماء الوفد الذي سيتقابل مع الجماعات الإسلامية في مصر نصف مليون دولار لتمويل الهجوم، ودعم رجالهم بالسلاح وحشد المؤيدين، فأصدر أوامره لأحد المسؤولين بتولي أمر هذا الملف، وتسهيل تنفيذ تلك الخطة، وتوصيل المساعدات المطلوبة لتنفيذ العملية بنجاح. وتولى القيادي الإيراني، «سيد مهدي هاشمي»، مسؤول ملف حركات التحرر الإسلامية والعالمية داخل قيادة الحرس الثوري، مهمة التنسيق مع الجماعة الإسلامية بقيادة مرشد الإخوان لإنجاح الخطة وتوصيل المبلغ المطلوب دون إثارة شبهات أو لفت نظر السلطات المصرية، وتضمنت المؤامرة تحويل المبلغ إليهم عن طريق دولة ثالثة وهي قطر. ولاقت حادثة اغتيال «السادات» في ذكرى حرب أكتوبر عام 1982، احتفاءً كبيرًا في طهران وجماعة الإخوان الإرهابية ، وخرج «الخميني» في اليوم التالي للحادث ووجه نداء للشعب المصري يحرضه فيه على قلب نظام الحكم، قائلًا: «اليوم الذي قتل فيه عمت السعادة كل مصر.. يجب على الشعب المصري أن يعلم أنه لو اقتنص الفرصة مثلما انتفضت إيران على المؤامرات فسينتصر ويجعل مصر إسلامية كما فعلنا». واعتبر نظام الملالي، خالد الإسلامبولي وأعوانه قتلة الشهيد الراحل «السادات» ، بطلًا وشهيدًا، وأطلقوا اسمه على أحد شوارع العاصمة ومن هنا بدأت العلاقة الشيطانية بين الإخوان المسلمين ونظام الملالي الشيعي.
التعليقات مغلقة.