موقع اخباري شامل صادر عن مؤسسة تحيا مصر

الجزء الثاني من القصه القصيره.. أين هي.. بقلم ولاء زاويه

الجزء الثاني من القصه القصيره.. أين هي.. بقلم ولاء زاويه

الجزء الثاني من القصه القصيره..
أين هي.. بقلم ولاء زاويه

و عندئذ.. جاءنا الحوار التالي..
قال الصبار:
– نزلتم أهلا وحللتم سهلا،
لكن.. ما لملامحكم ما شرعت للهم سهوا،
كأن أصاب قلبكم من جوارب الحزن سهما؟
أنا:
– لا تقلقي يا زهرة الصبار،
فلقد صاحبنا اضطرابنا
واعتدنا تداخل الأفكار،
فمرارا ننسي ونضحك
ثم نعاود للحزن تكرار

صديقتي:
– وأنتِ يا ياسمينة..
ما لحالك هكذا يميل للذبول والاصفرار!!
إن أردتِ البوح فاحكي،
لكن ما عليك إجبار..

ياسمينة:
– أردت وأردت..
لكن تاهت مني حروفي،
و لكن بداخلي للعثور عليها
إصرار.. بل اضطرار،
فقد تعبت مني حروفي في سجن ضلوعي،
وأود الآن أن أمنحها الفرار..

أنا:
– هوني عليكِ يا صغيرتي،
فقد لمست في عطرك أعذب الأسرار،
فجّري بركانك
لعلنا نجد معا لهمومنا انصهار،
احكِ وكلنا آذان صاغية
فلن تجدي منا استنكار ولا استنفار،
واهدئي بالا صغيرتي،
جعل الله صباحك كعطرك
يفوح شذى استبشار..

– سأحكي..
وليشهد علي حروفي
أوراق الورود والأزهار..
أول مرة رآني
كنت في مشتل للورود،
رآني فذابت نظراته
وتخطت همساته الحدود،
عزف برقة أصابعه
يتحسس نعومة الخدود،
يتغزل.. بل يكاد يتراقص
ويتمايل لتمايل العود،
هائما، عاشقا، مستنشقا،
وموثقا لشذايَّ العهود..
طلب شرائي بأغلى الأثمان،
فحبي في دمه بات يجري مجرى الإدمان،
تعهد بأن يكسيني بشال الأمان
تعهد بألا يلقي يوما بي
في بئر من الحرمان،
وما هدأ باله..
حتى أن أصبحت ملكه ،
و ما ألهاه عني انشغاله
وما أبعده ملكه،
فكان العاشق، المغرم، الهائم،
وكنت أنا فلكه ،
كان ينسي كل شيء
ليجاورني بالساعات،
يحكي لي عن كل شيء
ويحاورني بالنظرات،
يشتاق لميعاد سقيي
فيذيقني عذب القطرات،
و يرتوي معي فيطفئ نار ظمأه
بحنين العشق والآهات،
و كنت انا حينذاك ملكة متوجة
أشعر بقمة أنوثتي وبالجمال متوهجة،
أملأ الكون بعبيري، وبالسعادة متأججة..

صديقتي:
– و ما الذي حدث يا صغيرتي؟
لما بدت لهجتك هكذا
من الفرح إلى الحزن متدرجة!!
وحروفك باتت
تخرج من شفاهك متحشرجة!!
أأصبحت أيامك مثل خطواتك.. متعرجة!!

أنا:
– أم أصبحتِ أنتِ الأخرى
مثلنا.. للسعادة متفرجة!

– نعم.. لقد أصبحت للسعادة متفرجة،
كيف أكابر وأدعي
أنني أرتدي رداء السعادة؟
وأنا التي أصبحت للحزن وللهم وسادة،
أيسير عليَّ أن يحرمني حبيبي
من دفء أنفاسه التي
كانت تحاوطني لتختلط بأنفاسي،
فتتوغل لتسكن روحي.. لتملكها،
فتزيل برودة إحساسي،
وتذيب تجمد دمائي وأنفاسي،
وتذهب بجميع أحزاني بلا استعادة،
الآن يتركني هكذا وحيدة،
و طيلة وقته تسلبه مني أشغاله العديدة..
فلا يصيبه من الشوق انتفاضة،
حتى باتت تداعبني
حسرات أشعة الشمس البعيدة،
و تشاغلني شفقة ضي القمر المديدة،
و تلاحقني توسلات قطرات الندى بالفرار..
ولإنقاذ نفسي سرعة اتخاذ القرار،
لكن.. دون أدنى استفادة،
أيسير عليَّ هذا بعدما كانت
نجومنا واحدة؟
سماءنا واحدة؟
شمسنا واحدة؟
وقمرنا واحد وماله استعاضة،
كل اهتماماتنا، اختياراتنا..
رغباتنا.. كانت واحدة،
فهذا ما اعتدته أنا،
و هو الآخر اعتاده،
أما الآن.. فقد بعد نجمي عن نجمه،
وبات همي غير همه،
فأنا الهائمة الحالمة..
وفي الجمال مستيقظة نائمة،
و أولوياتي في الحياة
أن أبلغ من العشق منزلة الريادة،
أما هو..
فقد أصبح كل همه آلاته ومعداته،
و أصبحت المادة هي كل غايته وعتاده!!
أيسير عليِّ أن يحرمني حبيبي
من عيناه التي كانت مزدحمة
بنظرات الحب والإعجاب والإشادة،
والآن يغلق أبوابها أمامي هكذا؛
ليتركني أرى تلك النظرات
من قِبَل الأغراب قبل الأحباب،
ومنهم من احتل حبه لي منزلة العبادة،
أيسير عليَّ أن أسمع كلمات الإطراء
والإشادة بجمال روحي الذي أضفى
على جمال خدود أوراقي الإغراء؟
وقد أصبح لديه
التصغير والتنكير والتحقير عادة!!
أيسير عليَّ بعدما كان لي
دواء لداء روحي،
و بلسم شافي لجروحي،
أن يكون هو الخنجر البارد
الذي يذبحني فينزفني،
ولا تحاول يده أن تداويني
بمجرد كلمة هوادة،
نعم..
فروحي الحزينة لا تحتاج سوى كلمة،
كلمة تكون لها بمثابة النفس
الذي يسري فيَّ الروح
فيكون لها كالسحر الذي يسلبها الإرادة،
وإذا أعلنت الاحتجاج
وتمسكت نفسي باللجاج..
ثار ودار حول فكره
الذي يوسوس له بأنني باحتجاجي هذا
أبغي من الكبر الزيادة،
فتتبدل الأدوار
ويصبح هو الغاضب الجريح
الذي لا يقبل مني إشارة ولا إشعار،
وهو لهذا الدور يجيده إجادة،
وأصبحت أنا المطالبة بأني
أدوس بأشواكي علي جرح أشواقي
لأزيده نزفا،
فأقدم له من دمي شرابا ليرضى،
ويرتشف منه فينتشي نشوة السيادة..
فما عليَّ بهذا،
ما عدت أنا العاشقة الولهانة،
و ما عدت أملك الطاقة
لتحمل تلك الإهانة،
ولن تسمح كرامتي بعد..
بأدنى استهانه،
فأنا الملكة المتوجة،
ولا أسمح لأحد
أن يسلبني علو المكانة،
فما عدت أسمح
بأن أكون المنكسرة المسكينة،
ولا أرضي بعد بأن تكون حياتي
قصة بعنوان: “مأساة ياسمينة”

عندئذ..
تدخل الطنان مسرعا..
و للكلام مستشفعا..
– اسمحي لي بسؤال
عزيزتي الياسمينة،
و لا تنزعجي
من اقتحامي الأمين،
فأنا الحبيب القريب منكما
وشاهد على قصة حب ملكتكما،
طيلة شهور طُوال وسنين،
صغيرتي الياسمينه،
إن كان عشقك قد
أصابه الفتور واللين،
بل كما شعرت بأن
تلاشي حبك في ذلك الحين،
فما لحالك هكذا مغمومة حزينة؟
ما لي أراكِ بالدمع تبكين؟

– لست حزينة،
وما عاد يفرق معي في…

– لا لا..
اسمعيني يا صغيرتي الياسمينة،
لا تغالطي نفسك دون أن تدرين،
سأسالك اسئله..
ولا اريد الآن منك الإجابات،
بل أريدك أن تحملينها وتبحرين ..
تبحرين بعيدا في أعماق نفسك
حتى ان الي القاع تصلين،
داخل أعماقك جولي وفتشي،
حتى بالإجابة تستشعرين،
و لأبعادها تستخرجين،
أخبريني صغيرتي..
من كان وقت الشدة
يسكن جوارك الليل قبل النهار؟
عندما كاد غصنك
أن يوشك على الانهيار،
وفرش تحت قدميك
البساتين والأنهار؟

– أعلم.. لكنه….

– من كان وقت الردة
عندما شح الماء
ونقص الغذاء والعدة،
مجاهدا للوفاء بكل التزام؟
وأجاد فعلا دون الكلام؟

– أعلم.. لكنه….

– من كان في الدنيا الرغدة
وحوله الورد والنرجس والريحان،
لم يبالِ..
واكتفي بمن هي أغلى وأزكى
من اللؤلؤ والمرجان؟

– يا طنان افهمني….

– أخبريني صغيرتي..
أتفضلين من يجعلك
برومنسية الحوار
تتمتعين وتنعمين،
أم من يحاوطك بحبه المتين
المعبأ في المواقف
الذي تفوح رائحته
إخلاص وحماية وأمان من غدر السنين؟
سؤال أطرحه
وابحثي عن إجابته
إن كنتِ ما زلتِ
عن باقي الإجابات تبحثين،
أمن يكون لكِ
في الشدة ظهرا وسندا،
تأتين أنتِ اليوم،
وعليه تلومين؟
وفي حبه تشككين وتظنين!!
وتدعين أنه أغلق
أبواب ميادين العشق
وأحرق في الغرام الدواوين!!

ياسمينة..
وقد زادت في البكاء الحزينة:
– أعلم أنه يحبني،
وأنا.. و أنا.. و أنا أحبه..
نعم أحبه..
وإن لم أكن أحبه
فما كنت أبالي،
وما صرت حزينة،
وما أصبحت اليوم للهم خزينة،
لكن ما الذي حصل!!
فأنا حقا ما عدت أحتمل،
أعلم أن حبه معبأ..
بل مخبأ في المواقف،
لكن أيضا من حق أذني
أن ترتوي من
حلو كلامه المرتجل،
من حق روحي
أن تستنشق رائحة حبه
اهتمام واحتواء، ..
ولا جدل،
فالزهرة إن لم تشعر بالاهتمام
لجف ورقها وذبل،
اشتقت لأن يؤنسني
وده وأقولها بلا خجل،
أعلم أنه يحبني وأعلم أني أحبه،
ولكن أين الأمل؟
أين هي!! أين الرومنسية؟
أهي تلاهت.. تناهت..
أم اختفت في
صرح وشيك الأجل؟
أم أصبحت نكرة منسية!!
أين هي الرومنسية!!
أين الرومنسية!!

التعليقات مغلقة.