موقع اخباري شامل صادر عن مؤسسة تحيا مصر

التقارب الثقافى و صياغة الواقع الاعلامى الرياضى

د.نورهان سليمان

تتجلى نعم الله على البشرية فى كل زمان وأوان , فقد ذكر سبحانه وتعالى (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) , فحكمته بأن يكون البشر أمما مختلفةً، وشعوبا متعددة، له دلالات تستحق التأمل، حيث هذا التّنوع والاختلاف يثري الحياة ويزيدها عطاء وتالفا، وليكون سبباً في انطلاقها نحو نشر ثقافة احترام الآخرين والاعتراف بحقوقهم, فان التبادل الثقافي فى عالمنا هو أحد مظاهر الظواهر العالمية والأحداث البشرية.
قد صاغ عالم الأنثروبولوجيا الكوبي “فرناندو أورتيز” في عام (1947) , مصطلح وصف ظاهرة اندماج وتقارب الثقافات ( (Transculturation, بأنهاأكثر من مجرد الانتقال من ثقافة إلى أخرى, أو فقدان, أو الإجهاز على الثقافات السابقة واقتلاعها من جذورها القومية, لكنه يسعى لدمج هذه المفاهيم وما يترتب عليها من خلق الظواهر الثقافية المعاصرة .
هذا السياق يفعل ويتثق مع مايجرى حديثا داخل واقع عالم الاتصالات ومايتضمنة من تضخم للصراعات والقرارات لتكنولوجيا الاتصالات والنقل – ليتم استبدال النزعة االتقليدية للثقافات التي تنجرف أوتتباعد عن بعضها البعض بفعل القوة الأقوى لجمع وتقريب المجتمعات معا.
منذ عام (1980) شرعت أنواع مختلفة من أشكال وسائل الإعلام لتطبيق ظاهرة التقارب من حيث التكنولوجيا والبيانات والصوت على ذات الكابل، والوسائط المتعددة على أقراص مدمجة،وكذلك الإنترنت ليجمع بين النطاق العريض للبنية التحتية للاتصالات السلكية واللاسلكية ومايتطلبه لمناسبة أجهزة الكمبيوتر,والبرمجيات كعنصر أساسي،والتى هى المعنية “بالنشر” بشكل متزايد في الوسائط المتعددة بتنسيقات كبيرة إلى جانب جمهور صغير،مع توافر مجموعة من وسائل الإعلام النصية والصوتية والفيديو…وغيرها.
أصبح مستخدم الشبكة لا يقتصر على شكل واحد بل قادر على عدة اختيارات لعرض الصور،وقراءة النص،وإرسال البريد الإلكتروني,أو المشاركة في الدردشة عبر الإنترنت داخل البرنامج , هذا التفاعل من الوسط يتحدى مواقع الويب، واعلامى وصحافي الإنترنت ، لتحويل ممارسات العمل التقليدية وتنظيمها بطريقة تسمح للمستخدمين اتباع مسارات تتبع الارتباطات التشعبية التنظيمية التي يختارون الوصول إليها داخل الموقع, اضافة الى تطور العلاقة بين الجمهور ووسائل الإعلام المعاصر ذاته.
مما انعكس تاثيره على واقع الإعلام الرياضي بوسائله المختلفة كمؤسسة اجتماعية تستجيب للتفاعـل بينه وبين المجتمعات الـتي يعمـل بهـا ويبرز دورها ، كالمؤسسات الریاضیة المختلفة والأندیة ومراكز الشباب بل والتعلیمیة بمراحلها المختلفة وتتجاوزها فتقرب الفروق بین الناس عن طریق ما تنشره بینهم من خبرات تعدل بین سلوكهم كبارا وصغارا بما یتلائم مع القیم والتقالید الریاضیة السلیمة.
حیث یقوم الإعلام الریاضي بصیاغة الواقع الریاضي بما ینشره حول الأحداث والقضایا والموضوعات الریاضیة المعاصرة داخل المجتمع الریاضي , باستخدام وسائل إعلامية تتلاءم مع القيم والعادات السائدة في المجتمع.
وقد ازدهر الدور المتشعب للاعلام الرياضى في المجتمع ,بعد انتشاره على نطاق واسع في القرن العشرین ولذلك أخذت الحكومات على اختلاف سیاساتها الفكریة تخصيص الصحف والقنوات الإذاعیة والتلفزیونیة وتوجيهها نحو تحقيق أهدافها الداخلیة،من حیث رفع مستوى الثقافة الریاضیة للجمهور وزیادة الوعي الریاضي لهم بأهمیة دور الریاضة في حیاتهم العامة والخاصة،واستخدامها أیضا للوصول إلى أهدافها الخارجیة،من حیث تعریف العالم بحضارة شعوبها الریاضیة والتي تعكس بدورها رقي هذه الدول وتقدمها في شتى المجالات في ظل التقدم العلمي والتكنولوجي الكبیر والسریع

التعليقات مغلقة.