أين هي؟ …. بقلم ولاء زاويه
طرنا معا فوق السحاب؛ لنعقد سويا جلسة فضفضة، بعدما خلعنا عن ظهورنا حقيبة مسؤولياتنا، ونفضنا التزاماتنا بالمنفضة، فأتانا سرب الحمام بالمشروبات وأتانا الطنان بالمسندة؛ لنجلس متكئين أنا وهي سويا فارشين أيامنا وذكرياتنا.. أسرار حواراتنا وضحكاتنا على المنضدة.. نعم.. فهي صديقة عمري ورفيقة أيامي.. و التي تزوجت منذ عشرة أعوام أي قضت في الزواج ضعف أعوامي.. فوددت أن أنقر بيبان عقلها و ان اقتحم حجرات قلبها بسؤال ملح ممزوج بيقظتي ومنامي، سألتها وقد أرهقتني الحيرة، سألتها عن سؤال صال بداخلي
وجال جولات كثيرة، سألتها وقد اشتقت لمعرفة الإجابة
كاشتياق قطرة ندى لخد وردة مثيرة، سألتها سؤال جر في ذيل عباءته
أسئلة أخرى مريرة: – أخبريني حبيبتي.. أخبريني بخبرة أيامك، اخبريني بخبرة قطرات فرحك ومرارات أشجانك، برجاحة عقلك وعذوبة أحلامك،أخبريني.. فسوف أسأل وآذاني صاغية لإجابتك.. بالله عليك حبيبتي.. اجيبيني.. ما هي الرومانسية؟ ما معني الرومانسية؟
أين هي الرومانسية؟ أين هي!! أ ما زالت موجودة على قيد الحياة؟
أم غرقت فماتت فدفنت في قاع محيط بعيد الاتجاه!!؟
سألت.. نعــــم سألت.. لكن ليتني ما سـألت، فما أن سألت حتى بِرَد الفعل فوجئت،فقد قفزت إلى عينيها فجأة كتيبة.. كتيبه من النظرات الشاردة التائهة، الحائرة.. و منها المريبة.. وغطي الوجه البشوش قناع مغاير تماما بملامح اخرى كئيبة، تهت للحظات، ولنفسي وجهت الاتهامات، أسألتها عن الرومانسية، أم حقا ذكرتها بمصيبة، لكن .. و لِمَ الحيرة!! فلقد كان حالي من حالها، وقد كانت الخيبة داخلنا تتسلق قمم جبالها، شردنا معا، و عشنا لحظات صمت حزينة.. أطاحت لجلستنا جمالها، حتى أشفقت على حالنا الطير، فباتت تارة تداعبنا بحيلها، وتارة تحاول إنقاذنا من بئر حزن فتلقي حبالها، فما رأته فينا ما كان يدرك خاطرها وما دار ببالها، نعم.. فقد تاهت في الإجابات الحروف، وفوق اللسان تبعثرت الكلمات؛ فحاولنا معا أن نسترجع مخزون عبارات من عمر فاتممسكين سويا طرف الخيط الذي لضمناه في إبرة الذكريات، محاولة منا بأن نرفأ بها جوانب الأحداث والظروف والملابسات، لعلنا ننال شرف المحاولة في إيجاد جواب للسؤال، بل إيجاد ثلاث إجابات، “ما هي الرومنسي؟ ما معني الرومنسية؟ أين هي الرومنسية؟”
أسئلة إجبارية لا تقبل بخيارات، أسئلة إجبارية وستوضع لها الاختبارات، أسئلة إجبارية وفي انتظار بدل الإجابة، باقة من الإجابات..
و بعد أن تبدل حالنا من حال إلى حال، واحتل الملل فينا بلدة الأجتذال، جذَبَنا طائر الكناريانافضا من على كتفينا حمل السؤال،
حملنا على جناحيه وحلق بنا في أرجاء السماء؛ حتى بتنا نهال..
فانطلق بنا إلى الأرض ليروينا من نهر ريان يجري بين أحضان
حديقة غناء تغرف من ثمارها السلال، أما عن الورود والأزهار،
والنخيل والأشجار، فقد فاقت روعتها الخيال، وتخطي جمال صفحتها
مدى حدود المجال.. وقفنا معا على غصن بابها وألقي السلام الكناريا،
فتهللت أسارير الصبار وردت سلامه الكاميليا، وانتشت النرجس والبنفسج، وتمايل مسك الليل في حسن بهيا، فرحت الياسمينة،
ورحبت بخطواتنا الجوري المخمليَ، وافسحوا لنا الطريق جميعا..
ف للدخول قررنا، ناسيين متناسيين إحباطاتنا من فرط زهو انبهارنا،
ومن عذوبة النهر روينا ظمأنا، ثم مررنا.. جالسين، مستأذنين، مستأنسين، راجين أن نجد هنا من يسلبنا من بهو مرارنا، و عندئذ.. جاءنا الحوار التالي
التعليقات مغلقة.