هجرة الحبيب …حياة تتجدد !
****************************
ليست الهجرة ، كما قد يروق للبعض هروبا من أخطار لم يكن لصاحبها قدرة على مواجهتها ، أو الصبر عليها ، وهي ليست كذلك سلبية في رد الفعل ووهنا في قوام الحق الذي يتميز به الصادقون من خلق الله …ولكن الهجرة هي موقف ايجابي ينتج عن ارادة حقيقية واستعداد شجاع لتغيير الأمر برمته ، وهي كذلك دالة رائعة على ذات ، أمكنت لقدراتها وتوجهاتها الايجابية منها ، حتى تترك وعن اقتدار كل ما قد يباعد بينها وبين الحق الذي تؤمن به ، أو اليقين الذي جعلته لها اماما ، أو الاستقبال الكريم النقي الكامل لكل عزم وارادة تتفوق على حالة قديمة قد أوهمت ضعاف العقول منعدمي البصيرة من ادارك حقيقة الانفس في التفاعل في قدر الله وارادته …
يا لها من نعمة كبيرة أن نتمكن من الهجرة ، هجر ما نهى الله عنه ، هجر السوء من الفعل ورده ، هجر الجفوة في القلب وصدف الروح ، وعناد العقل ، ومكر الذات ، هجرة ما قد يودي بنا الى هوة سحيقة تباعد بيننا وبين بارئنا ومنهجه المستقيم …
ما أروع ما أرسيته في النفوس يا حبيب الله يا مصطفانا يا نبي الرحمة والنور والارشاد ، لقد كنت في عصمة الله ، “والله يعصمك من الناس” ، ولم تكن لارادة الشر أي سبيل أو سلطان عليك ، ولكن على رغم هذا هاجرت فهجرت وامكنت واعدت التشكيل والصياغة ، فأسست ودعمت ، ووحدت ، وأرسلت مرة أخرى للحياة بريقها وأمدها الرقيب القوي ذي المنعة في السلوك ، وفي اتيان الحق …
علمتنا وعلمت الأمة في أن الهجر هو سمة الاقوياء والصالحين والصادقين ، الذين يتركون بكل عزة واقتدار ومنعة ، حتى يعاودوا الكرة ، بمواقف أخرى هي أقوى واكمل وامضى ، في كل استهداف للحياة واستقامتها …
والله اني لأدعوكم وأدعو نفسي الى الهجرة من غلو الذات ، وبريق الحياة ، وملاذ الهدف ، وطمع القلوب ، ومكنة السلطة ، وغمط الناس ، والخيلاء في السلوك والفكر ، الى أرض جديدة هي أيضا في محيط النفس ، ولكنها على جانب آخر من الايمان وروعة الاتصال بالرحمن الكريم ، الذي خلق وقدر وأمكن وآمن وبارك وأسعد ورضى ….
وكل عام وأنتم الى الله اقرب وعلى طاعته أدوم ، وعلى سنة حبيبه المصطفى الأكرم أحرص وأفعل ….
أ.د. محمود فوزي أحمد بدوي
أستاذ أصول التربية ووكيل
كلية التربية – جامعة المنوفيةمع تحياتي: عبد المحسن العثماني
السابق بوست
القادم بوست
التعليقات مغلقة.