كتبها _ ياسر عامر
إستيقظ يمشي في الشوارع بلا هدف محدد، محاولا تفسير شعوره الغامض في هذا اليوم، كأنه يحمل في داخله جبلًا من الحيرة والتوتر والقلق والخوف، عدة مشاعر مضطربة مختلفة.
عيناه تتجول بلا هدوء بلا هدف، تدخله في اتجاهات متعددة، كأنه يبحث عن إجابات لأسئلة لم يستطع تخيل كيف تصوّرها.
خطواته ثقيلة، كأنه يحمل وزرا ثقيلا على كتفيه، يسحبه إلى الأعمق الي المجهول.. كل جزء من جسده يشعر بالتعب والإرهاق، ولكنه مدفوع للاستمرار في التقدم، كأن هناك قوة لا يمكن إيقافها.
اقترب من الأماكن المكتظة بالناس، آملا ان يشعر بالأمان والاطمئنان، زادت حدة اضطرابه أكثر وشعوره بالغربة.
شعر بأن كل الأعين تترقبه، تحدق في داخله، محاولة أن تكشف سرّه المظلم. كلما ازدادت الضوضاء والصخب، ازدادت الأصوات في رأسه والخوف وعدم الارتياح، حدق في عيونهم هو الآخر في محاولة بائسة يائسة لمعرفة ما يدور حوله، تتراقص في ذهنه أفكار بلا هدوء. يتساءل إن كانت هذه الأصوات حقيقية أم أنها مجرد توهمات .
لكنه لم يستسلم للشك والرهبة، كان يعلم أن هناك رسالة ما في انتظاره، أو حلما ما لابد ان يستيقظ منه أو بالآحري كابوس مفزغ، ايقن ان هناك امر جلل ينتظره مصيرا مكتوبا قرر الا ينتظر عاملا بمبدأ ” وقوع البلاء ولا انتظاره” على الرغم من تشوش الأفكار وتراكم الشكوك، كان يدرك أنه لا بد له من مواجهة هذا الجحيم الداخلي،حاول التحدث مع الناس لم يلتفت احدا له كأنهم لا يسمعون، حاول مرارا وتكرارا ان يصنع جلبة وضجيج، بدأ ايضا في لفت الانظار وايتاء حركات غريبة، بدي كأنه مجنون، وفي نهاية المحاولة استمر في صراخ محموم حتي خارت قواه وعجزت قدميه علي حمله وعجز عقله عن إيجاد السبيل للخلاص.، نظر للسماء مناجيا ربه تذكر انه لم يناجيه منذ أمد بعيد، تذكر قول الله تعالي : ” وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ” [سورة البقرة:186].
دعي ربه فاستجاب، جاءه بشير او لعله نذير هكذا حدث نفسه، بدأ الرسول في الحديث مطمئنا مبديا رغبته في إجابة سؤاله، ابتسم ابتسامة شاحبة مشيرا الي الناس والزحام مجيبا عن سؤاله الذي يدور بعقله، وكأنه يتفاهم بلغة التخاطب للعقول، أنت وحدك… هؤلاء ناس غير حقيقيين لا يسمعون ولا يبصرون لا تغرنك حركاتهم وحديثهم ومظهرهم الحي فهم يتحدثون بلا وعي، يسمعون بلا فهم، يرون بلا بصيرة، هؤلاء يا ولدي بلا قلوب تعي .. هم شواهد قبور ليس إلا، مجرد علامات تدل علي وجود ناس بالماضي كما تدل شواهد القبور علي وجود اموات تحتها، اما انا مجرد سيرة طيبة باقية فالسيرة الباقية لا تموت كما مات هؤلاء، انت سافرت عبر الزمن في بعد آخر لتري الناس علي حقيقتها ولك حرية الاختيار اما ان تبقي في الحقيقة، أو تعود الي الوهم في الماضي فقط تيقن في داخلك من اختيارك أو اصنع لنفسك حياة مثلي أو شاهد قبر كجميع من حولك.
التعليقات مغلقة.