موقع اخباري شامل صادر عن مؤسسة تحيا مصر

زينب سالم تكتب: ثقافة الانفلات والتحلل من القيم

القيم هي منظومة متكاملة ومتنوعة تظهر في السلوك والأخلاقيات، وكل الديانات السماوية وحتى الديانات الوضعية دعت إلى التزام القيم، والامتثال لمواطن الجمال،
ولذلك فقد وردت الوصايا العشر في اليهودية والمسيحية والإسلام، فالألواح التى أخذها موسى عليه السلام كانت هدى ورحمة، وكذلك وصايا المسيح عليه السلام للحواريين، دعت إلى القيم والمثل، فتجد الوصايا تقول لَا تَقْتُلْ، لَا تَزْنِ،لَا تَسْرِقْ، لَا تَشْهَدْ شَهَادَةَ زُورٍ، لَا تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ. لَا تَشْتَهِ امْرَأَةَ قَرِيبِكَ، وَلَا عَبْدَهُ، وَلَا أَمَتَهُ، وَلَا ثَوْرَهُ، وَلَا حِمَارَهُ، وَلَا شَيْئًا مِمَّا لِقَرِيبِكَ، وهذه الوصايا قد وردت بنصوص صريحة في القرآن الكريم أيضًا لنجد الوصايا العشر في سورة الأنعام تهتم أكثر ما تهتم بالأخلاق فقد قال الله في القرآن في سورة الأنعام (قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ۝151وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ۝152وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ۝153﴾.
حتى الديانات الوضعية دعت إلى القيم الأخلاقية فعند بوذا في تعاليمه أن السلوك الأخلاقي، يدعوا أتباعه إلى التحكم في الرغبات والشهوات، وقد أحس بذلك زرادشت منذ زمن بعيد، عندما بحث مسالة الخير والشر، فحدد معالم الطريق القويم وواجبات هذا الطريق التي طالب الانسان بالالتزام بها وانطوت بدورها على عديد من القيم الاخلاقية السامية، حتى الفلاسفة بعد تفكيرهم العميق وتفكرهم في الأشياء حولهم خلصوا إلى نتيجة عظيمة بعد زمن من التفكر والتفكير ليخرجوا بمعنى واحد هو أن الفلسفة هي الحق والخير والجمال.
وأعود مرة أخرى إلى الإسلام الذي جاء مصدقًا لما قبله حين يقول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في حديث نبوي شريف “إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت”، ليؤكد أن الدين الاسلامي يتفق مع ما قبله من الرسالات، أن الهدف الأسمى من بعثته عليه الصلاة والسلام، يتجسد في قوله “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”.
لذلك حينما نرى ونسمع عن ثقافة الانفلات التى سادت المجتمع فعلينا أن نعرف أننا لا نسير خلف دين من الأديان ولا عرف من الأعراف، إلا عرفًا واحدًا هو عرف الشيطان الرجيم، الذي توعد آدم وذريته بالغواية، فتحللت القيم، واقتربت من أن تكون ترابًا لا قيمة لها، اللهم إلا إذا عدنا إلى رشدنا وصوابنا، وأنقذنا ما يمكن إنقاذه من القيم والأخلاقيات، فارجعوا عن ثقافة الانفلات إلى ثقافة الالتزام، وادركوا القيم قبل تحللها، وعودوا إلى قيمنا الأخلاقية التى دعت إليها كل الأديان وكافة العلوم الفلسفية والمنطقية، لما في ذلك من عودة للفطرة السليمة السوية التى خلقنا الله فيها لنكون خلفاءه على هذه الأرض.

التعليقات مغلقة.