موقع اخباري شامل صادر عن مؤسسة تحيا مصر

ثقافة التطرف وعُبَّاد القبور ..!!

بقلم:
د. محمد المنشاوي..

– يقول المفكر والفيلسوف إبن سِينَا الذى يعد واحدًا من المفكرين الموسوعيين فى العصور الوسطى والمرجع الأساسي للكثير من العلوم لعدة قرون : بُلينا بقومٍ يظنون أن الله لم يهدِ سواهم ..
– هؤلاء الذين يفهمون الإسلام بِغَلَبة الظن ، لا عن عِلمٍ أو فهمٍ أو إدراكٍ حقيقي ، الأمر الذى جعل منهم منصات للتطرف والتشدد ، فجاؤوا بما لم يأتًِ به الرسول الأكرم ..
– فهم يحرمون الصلاة فى المساجد التى بها أضرحة للصالحين ، ويسلطون صِبيانهم وسفائهم على هدمها ، ويرمون أهل السُنة بالشرك والبدعة والفسق ، ويصفونهم بعُباد القبور أو “القبوريين ” ، بناءً على تصورات خاطئة فى أذهانهم ، حتى أن أحدًا من المسلمين على مر العصور لم يسلم من تطرفهم ..
– ⁠ونسى هؤلاء أن هذه الأمة المحمدية معصومة من الشِرك لقول الرسول الاكرم صلى الله عليه وسلم : “والله لا أخاف عليكم أن تشركوا بعدى ولكنى أخاف عليكم أن تنافسوا فيها ” ، فكيف لهؤلاء أن يصفوا جِماع هذه الأمة من السلف والخلف بعُباد القبور أو “بالقبوريين” لصلاتهم فى المساجد التى بها أضرحة ..
– بل وصل بهم الأمر أن علقوا يافطات “بضوء النيون ” على باب بعض مساجدهم كُتب فيها // المسجد ليس به ضريح // كما هو الحال فى مسجد “المسبح ” بمنطقة السيدة عائشة بالقاهرة لإرشاد ذويهم ممن يعتنقون فِكرهم للصلاة به دون غيره ، وحتى لا يعبرون الطريق للصلاة فى مسجد واحدة من آل البيت وهى السيدة عائشة بنت جعفر الصادق رضي الله عنهم أجمعين ..
– ⁠وغَمُض على هؤلاء أن المسجد الحرام الذى يصلى به الملايين من المسلمين ، وتوزن الصلاة به بمائة ألفٍ عما سواه ، مدفون فيه نحو سبعين من الأنبياء بين زمزم والمقام – بينهم نوح وهود وصالح وشعيب – كما أخرج ذلك إبن كثير فى “البداية والنهاية ” ..
– ⁠ولأن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء ، فلازالت أجسادهم موجودة والرسول يعلم ذلك ، ولو أن وجودهم غير شرعى أو حرام ، لحفر النبي وأخرجهم ..
– ⁠بل أن الكعبه المشرفة نفسها وهى أفضل بقاع الأرض عند الله والتى يطوف حولها الملايين ، دفن بداخلها إسماعيل وأمه هاجر عليهما السلام ، فى حِجر الكعبه الذى هو جزء من داخل الكعبه والرسول الأكرم يعلم ذلك..
– ⁠كما أن المسجد النبوي فى المدينة الذى توزن فيه الصلاة بألفٍ عما سواه ، بإستثناء الحرم المكي ، يوجد به ثلاثة قبور ، واحدُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإثنان لصاحبيه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ..
– ⁠فإذا كانت الصلاة بالمسجدين المكى والنبوى تفوق ثوابًا عما دونهما ، فهذا يقودنا الى حقيقة أن الصلاة بالمسجد الذى به ضريح لنبى أو لصالح هو أكثر فضيلةً من المسجد الذى ليس به ذلك ، لتواجد الملائكة بالمكان فتستغفر لمن يصلى به كرامةً لصاحبه ..
– ⁠وأتساءل أيضًا هل كانت أم المؤمنين عائشة من عُباد القبور لأنها ظلت تصلى فى حجرتها التى دفن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولايزال جسده الشريف بها ..
– ⁠وهل كان صحابة الرسول الأكرم “عُباد قبور ” لأنهم كانوا يصلون فى مسجد الخِيف الذى دفن فيه جمعٌ من الأنبياء ، وهل ملايين المسلمين عُباد قبور لأنهم يصلون فى المسجد النبوى بالمدينة !..
– ⁠وهل علماء المسلمين الذين يصلون فى الجامع الأزهر الشريف منذ مئات السنين عُباد قبور لأن به العديد من القبور ، بينهم قبر الأمير علاء الدين طيبرس، وقبر الأمير أقبغا عبد الواحد ، وقبر الأمير جوهر القبقبائى ، وقبر الأميرة نفيسة البكرية ، وقبر الأمير عبد الرحمن كتخدا ، وقبر الشريف محمد الأخرس القرافى ..
– ⁠إن هؤلاء المتطرفون يتشدقون بكلام وأقوال تتناقض مع أقوال سيد المرسلين الذين يزعمون أنهم ينتمون إليه ، وتخالف أفكارهم نهج صحابته والتابعين الذين ساروا على سنته العطرة ..
– ⁠فعلى ضوء ما أسلفنا من حقائق وبراهين ، يتضح لنا كذب وإفتراء هذه الفئة المتطرفة على أهل السنه ووصفهم لهم بأنهم عباد قبور أو قبوريين ، كما يتبين لنا بجلاء أن المسجد الذى به ضريح لنبى أو لصالح هو أكثر فضيلةً من المسجد الذى يخلو من ضريح ، وذلك أسوة بالمسجدين المكى والنبوى فى مكة والمدينة …

التعليقات مغلقة.