موقع اخباري شامل صادر عن مؤسسة تحيا مصر

العلامة مؤرخ مصر الأول / جمال حمدان : يكشف حقيقة الترك ؛ قطعان بلا تاريخ …

بقلم / دندراوي الهواري

العالم المصرى العبقرى، الدكتور جمال حمدان، فى كتابه «شخصيات مصر وتعدد الأبعاد والجوانب» وتحديدا فى الصفحتين رقم 73 و74 استطاع توصيف الدولة التركية خير وصف، ورغم أن الكتاب يعد من أهم المراجع العلمية فى شرح ووصف شخصية مصر الجغرافية، فإنه استطاع توصيف بعض الأمم والدول فى القارات القديمة، نظرا لتماسها مع مصر جغرافيا وسياسيا وتجاريا وغيرها من الأنشطة الاقتصادية، خير توصيف.

 

والدكتور جمال حمدان، عاشق للجغرافيا، ويعتبر علما متفردا متوحدا مطلقا، وليس علما نمطيا متكررا نسبيا، فالجغرافيا كالتاريخ لا تعيد نفسها بالضبط، ولا الإقليم يكرر نفسه، ومن ثم فإن دراسة الإقليم لا تقتصر على الحاضر، وإنما تترامى إلى الماضى وفى عمق التاريخ..!!

 

يقول الدكتور جمال حمدان فى كتابه عن تركيا، وريثة الدولة العثمانية: بين تركيا ومصر مشابهات على السطح قد تغرى بالمقارنة، فتركيا بين آسيا وأوروبا، مثلما مصر جسر بين آسيا وأفريقيا، بل إن الجسم الأكبر فى كل منهما يقع فى قارة، بينما لا يقع فى القارة الأخرى إلا قطاع صغير «سيناء وتراقيا» على الترتيب، وفى كلا الحالين إنما يفصل بينهما ممر مائى عالمى خطير، أضف إلى ذلك التناظر القريب فى حجم السكان.

 

ويضيف الدكتور جمال حمدان: «لقد تمددت تركيا فى أوروبا حتى فيينا، كما وصلت مصر إلى البحيرات فى أفريقيا، واندفعت كل منهما فى آسيا من الناحية الأخرى».

 

ويفجر الدكتور جمال حمدان، قنبلة، عندما يؤكد أنه ورغم كل هذا التشابه بين البلدين، فإنه تشابه مضلل لأنه سطحى، وسطحى لأنه جزئى، فربما ليس أكثر من تركيا نقيضا تاريخيا وحضاريا لمصر من الاستبس كقوة «شيطانية» مترحلة، واتخذت لنفسها من الأناضول وطنا بالتبنى، وبلا حضارة هى، بل كانت «طفيلية» حضارية خلاسية استعارت حتى كتابتها من العرب.

ويسترسل جمال حمدان فى وصف الدولة المشوهة ومنزوعة الجذور الحضارية والتاريخية، عندما قال نصا فى كتابه: «ولكن أهم من ذلك أنها تمثل قمة الضياع الحضارى والجغرافى، غيرت من جلدها وكيانها أكثر من مرة، الشكل العربى استعارته ثم بدلته بالشكل اللاتينى والمظهر الحضارى الآسيوى نبذته وادعت الوجهة الأوروبية، أنها بين الدول بلا تحامل، الدولة التى تذكر بـ«الغراب» يقلد مشية الطاووس، وهى فى كل أولئك النقيض المباشر لمصر ذات التاريخ العريق والأصالة الذاتية والحضارة الانبثاقية… إلخ.

 

 

هنا وَضح الدكتور جمال حمدان رؤيته واستطاع التوصل إلى توصيف علمى موثق للدولة التركية، فى كتاب صدر عام 1967 أى منذ ما يقرب من 51 عاما، حتى لا يخرج البعض ليؤكد أن سبب هذا التوصيف لوريثة الدولة العثمانية، الآن ويأتى فى ظل احتضانها جماعة الإخوان، وحلفائها وكل أعداء مصر..!!

 

بالطبع، مصر ظلت وستظل تمثل للأتراك كل العقد وليس عقدة وحيدة، فهى الدولة التى يحتسب عمرها بعمر هذا الكون، بينما تركيا بلا تاريخ، ووطن بالتبنى، فاقد الهوية، وغيرت جلدها أكثر من مرة، بالشكل العربى تارة، ثم استبدلته بالشكل اللاتينى تارة أخرى، وأخيرا إلى الشكل الأوروبى.

 

أيضا جيش مصر العظيم يمثل أبرز العقد للأتراك، فقد أعطى دروسا قوية فى الفنون العسكرية للجيش التركى، وسحقه أكثر من مرة فى معارك ضروس، والبداية كانت عندما اندلعت ثورة ضد الحكم العثمانى عام 1824 وطلب حينذاك السلطان العثمانى من محمد على التدخل لإخماد تلك الثورة التى انطلقت شرارتها فى الحجاز واليونان، وأسدى له وعدا أنه فى حالة نجاحه سيمنحه حكم الشام، وافق محمد على، ودفع بجيش مصر تحت قيادة ابنه إبراهيم باشا للقضاء على الثورة عام 1824، وبالفعل نجح فى ذلك، لكن السلطان العثمانى تنصل من وعده، ومنحه جزيرة كريت فقط، فقرر محمد على أن يستولى على حكم الشام بالقوة، زحف جيش مصر على الشام عام 1831 وبالفعل حاصر عكا، المحصنة بأسوارها العالية، ونجح فى احتلالها، وسيطر على فلسطين، ثم دمشق، ثم التقى الجيش العثمانى من جديد عند «حمص» ولقنه درسا قويا، واستولى على حمص وباقى المدن السورية.

 

ولن ينسى الأتراك أيضا، خاصة رجب طيب أردوغان، ما فعله الجيش المصرى بأجداده العثمانيين عام 1839 فى معركة «نصيبان»، عندما لقن الجيش المصرى نظيره الجيش التركى «علقة» ساخنة، مستخدما قوته المفرطة، وتسرد بعض الروايات التاريخية أن الجيش المصرى أفنى كل الجيش العثمانى فى تلك المعركة، وأسروا ما يقرب من 15 ألف جندى وضابط، واستولوا على كل الأسلحة والمؤن، وعندما بلغ السلطان العثمانى أمر الهزيمة المنكرة وفناء جيشه مات حزنا، ولم يكتفِ الجيش المصرى بسحق الجيش العثمانى، وإنما حاصر إسطنبول، واستسلم الأسطول التركى لمصر فى الإسكندرية، وأصبحت الدولة العثمانية بلا سلطان أو جيش أو حتى أسطول، ولولا التدخل الأوروبى، لكانت تركيا من بين ممتلكات مصر..!!

 

تركيا، وطن بالتبنى يفتقد كل القيم الحضارية والمكونات الأخلاقية، وإذن.. كيف نطلب من رجب طيب أردوغان ونظامه وحزبه أن يتدثر بالقيم الأخلاقية فى تعامله السياسى مع الدول ومنها مصر؟! بالطبع، فاقد الشىء لا يعطيه!!

 

التعليقات مغلقة.