كتب /جمال البدراوي ومحمد العبادي (شينخوا)
في مساء أحد أيام شهر سبتمبر، كانت نسائم خفيفة تداعب أوراق الأشجار، الجو معتدل ومنعش، جلست عالية ذيابات على كرسي بقرب الصالة الرئيسة في مدينة الحسن للشباب بمدينة إربد شمال الأردن، بينما كانت بناتها الثلاث يلعبن في قلعة هوائية قريبة، وابنها الصغير يتعلم المشي تحت رعاية والده.
بالنسبة لعالية، وهي أم لأربعة أطفال، هذه فرصة نادرة من الاسترخاء، وقالت “آتي مع عائلتي إلى مدينة الحسن للشباب كل أسبوع مرة أو مرتين، هناك العديد من الحدائق في إربد، لكن هذه المدينة أوسع وأنظف”.
إن عائلة ذيابات ليست الوحيدة، فالكثير من سكان إربد يقضون أوقاتهم مساءً في مدينة الحسن للشباب الواقعة في الطرف الجنوبي من مدينة اربد، وهي أول مشروع كبير بنته الصين في الأردن، وتفتح أبوابها كل يوم من الخامسة صباحًا حتى منتصف الليل.
بدأ بناء المدينة العام 1986، وتم افتتاحها رسميًا في العام 1990، وعلى مدار 35 عامًا تركت المدينة الرياضية أثرًا طيبًا وعميقًا في نفوس سكان إربد.
وفقًا لإدريس بني عيسى، رئيس قسم الإعلام والاتصال في مدينة الحسن للشباب، فإن المدينة الرياضية تمتد على مساحة تزيد عن 100 ألف متر مربع، وتضم الصالة الرئيسة متعددة الأغراض، وملعب كرة قدم يتزود بأكثر من 12 ألف مقعد، وصالة التدريب ومسابح وملاعب الأسكواش، وملاعب التنس الأرضي، وصالة اللياقة، ومضمار للمشي طوله 1150 مترا وغيرها من المرافق.
وقال إدريس بني عيسى إن المدينة تتميز بتصميم رائع وتوزيع مرافق جيد وجودة بناء عالية، وقد كرّست على مدى سنوات طويلة لخدمة المجتمع، فهي تقدم خدماتها من جهة للرياضيين المحترفين لأغراض التدريب وإقامة المباريات، ومن جهة أخرى تقدم للجماهير العامة الخدمات كمكان ترفيهي.
يذكر أن ملعب كرة القدم والمسابح والصالة الرئيسة متعددة الأغراض في المدينة تم بناؤها جميعا وفق المعايير الأولمبية الدولية، وتم تصميم المرافق الصغيرة الأخرى مثل ملعب الأسكواش وصالة اللياقة بجانب هذه المرافق الكبيرة، باستثناء ملعب كرة القدم وصالة التدريب والصالة الرئيسة متعددة الأغراض التي تقدم خدمات للمحترفين، فإن باقي المرافق مفتوحة لعامة الناس بشكل يومي، وفقا لإدريس بني عيسى.
بدوره، قال عارف محمد، المشرف على ملعب كرة القدم، إنه تلبية لاحتياجات سكان محافظة إربد، تم الاتفاق بين الأردن والصين في ثمانينيات القرن الماضي على بناء مدينة رياضية، وتم اختيار مدينة إربد كموقع لها، وحتى اليوم، تظل مدينة الحسن للشباب أكبر مركز رياضي وترفيهي في المحافظة.
كأحد سكان مدينة إربد، لعب عارف وسبح في هذه المدينة منذ صغره، وقد عمل فيها لمدة 15 عامًا، حيث لديه حب قوي تجاه ملعب كرة القدم الذي يشرف عليه، وقال “في العام 2016، شارك المنتخب الصيني هنا في بطولة كأس العالم للسيدات تحت 17 سنة التي نظمها الاتحاد الدولي لكرة القدم”.
حالياً، أكثر ما يثير حماسه هو الدوري الأردني للمحترفين لموسم 2025 – 2026، وقال إن مدينة الحسن للشباب بيت ملعب نادي الحسين الرياضي، حيث ستجذب المباريات بلا شك آلاف من المشجعين.
في الجهة الجنوبية من ملعب كرة القدم توجد صالة التدريب يشرف على ادارتها يوسف بني هاني حيث أبلغ وكالة أنباء ((شينخوا)) أن معظم الرياضيين يحضرون للصالة للتدريب وحاليا يقوم رياضيو نادي كفر يوبا لكرة السلة بالتدريب، موضحا أن الصالة ممكن استخدامها للتدريبات على كرة اليد وكرة السلة والكرة الطائرة، وتُتاح مجانًا للأندية والاتحادات الرياضية بشرط الحجز المسبق.
إلى الغرب من صالة التدريب تقع المسابح، وتضم مسبحين وحوض غطس، وتستوفي شروط تنظيم بطولات عالمية، وفي الصيف، يُخصص المسبح الداخلي للنساء، مما يتيح لهن ممارسة السباحة بحرية.
وبجانب المسبح توجد صالة اللياقة، حيث كان مدرب التايكواندو علي بدور يستعد لتدريب الأطفال، وقال علي إن المدينة الرياضية بُنيت قبل أن يولد، لكنه يعرف أنها بنيت على يد الصينيين، مضيفا “الناس هنا يعرفون ذلك، فآباؤنا نقلوا لنا هذا الكلام، كان هذا المشروع وقت إنشائها شيئًا جديدًا تمامًا بالنسبة لنا”.
وأوضح علي أن كل طفل يدفع 20 دينارًا شهريًا (الدينار الأردني يساوي نحو 1.41 دولار)، يمكنهم يتدربون هنا كل شهر 12 مرة، وهذا رخيص جدا.
بينما الرياضيون يتدربون بجد داخل الصالات المختلفة، تحولت مدينة الحسن للشباب إلى حديقة ضخمة: عند مدخل المدينة، الناس سواء كانوا يجلسون على الكراسي أو على الأرض يتجاذبون أطراف الحديث، وعلى مضمار للمشي بجانب أسوار المدينة، الناس إما يركضون إما يتمشون، وعلى الساحات الواسعة، كان الصبية يلعبون كرة القدم، والأطفال يركبون دراجاتهم أو يلهون مع بعضهم البعض، كان المشهد يعج بالحياة والفرح، مع المحافظة على جو من الهدوء والسكينة.